لأنه رفض التعامل مع قيس بن علي:
سحبت منه الرخصة وأغلق المطعم...
حين كان السيد محمود بن علي الستاي يتحدث إلي بلوعة عما تعرض له من ظلم دون أن يقترف ذنبا سوى أنه لم يخضع لإبتزاز أحد أفراد العائلة "المصونة"...تذكرت تلك الرسالة (الشبيهة برسالة عماد الطرابلسي إلى الرأي العام التونسي) التي كتبها قيس بن علي( أو إستكتب من هو قادر على القيام بالمهمة،وما أكثر الكتبة وأقل الكتاب في بلاد العرب) إبن شقيق الرئيس السابق (لنترك المجال للمغرمين بعبارات الهارب والمخلوع والفار) ليبرئ ساحته من سقوط عدد من أبناء الوردانين (مسقط رأسي) شهداء وهم يحاولون منعه من الهروب يوما بعد هروب عمه أو رحلته بإتجاه الحجاز لأداء مناسك العمرة إن إعتمدنا رواية مدير أمنه السابق علي السرياطي ...قال الرجل في ما قال إن عمه كان جبانا أما هو فمواطن عادي جدا والدليل على ذلك ان أغلب الناس(لست واحدا منهم والحمد لله) يكنون له الحب والتقدير وليس له أعداء لأنه لم يظلم أحدا...
تذكرت الخطبة العصماء لسليل الحسب والنسب، الرجل العصامي الذي وهب نفسه للترفيه عن أبناء منطقته في الساحل التونسي فحول حديقة الطيور بقلب مدينة المنستير إلى قاعة أفراح ومدينة ألعاب بأسعار أكثر إرتفاعا من نظيراتها في العاصمة نفسها، وتحصل بعد عناء مثل كل أبناء الشعب الكريم-حسب روايته- على رخصة لبيع الخمور ليخفف عن بني وطنه هم الزمان...
مشكلة السيد محمود الستاي أن حظه سيء إذ إنتبه إليه قيس بن علي وإليكم التفاصيل...
عودة بعد أربعين عاما من الهجرة ...
سافر محمود الستاي إلى ألمانيا سنة 1959 ولم يغادرها سوى ونحن على أبواب الألفية الثالثة...صدق الرجل وعود السلطة الخلابة للمهاجرين بأن عودوا وإستثمروا في بلد الأمن والأمان ....باع الرجل بعض ما يملك بين "بون" و"دوسلدورف" حيث كان يدير ملهى بطاقة إستيعاب تفوق الألف حريف ومطعما...
عاد سي محمود إلى مسقط رأسه المهدية منتصف التسعينات لينشئ مطعما سياحيا على الشاطئ قاربت كلفته المليار أطلق عليه "الدلفين الأبيض"،ولم يكن في ذهنه اليوم الأسود الذي سيلتهم فيه سمك القرش الدلفين الأبيض المسالم...
قيس يقع في هيام الدلفين الأبيض....
إستقطب الدلفين الأبيض الأنظار لقلة المطاعم السياحية في المهدية(مقابل إكتظاظها بمحلات بيع الشاباتي) ولجودة الخدمات المقدمة ...
إشتغل الرجل ومن معه من يد عاملة بهدوء طيلة ثماني سنوات(من 2000 إلى 2008) حتى حل قيس بن علي لمعاينة "الدلفين الأبيض"بنفسه ثم أرسل زائرين يتحدثان بإسمه... سألا سي محمود من أين يقتني المشروبات؟
رد الرجل بعفوية : من سوسة
قيل له: نعرض عليك تغيير المزود والتعامل معنا
طلب الرجل قائمة الأسعار ثم تعلل بإرتفاعها حتى يتفادى الوقوع في براثن أحد أفراد العائلة العصامية المكافحة لسلب الشعب ونهبه...
لم يطل إنتظار الرجل حتى جاءه الرد،زيارة تفقدية من وزارة السياحة رصدت عدة إخلالات بالمطعم وطلبت منه القيام بالتحسينات...
إمتثل الرجل وصرف أكثر من خمسين ألف دينار وتوجه برسالة عن طريق مندوبية السياحة بالمهدية طالبا إعادة التفقد... كان ذلك في أكتوبر 2008 ...
في أفريل 2009 فوجئ محمود الستاي بالشرطة تسحب منه رخصة المطعم لأنه لم يقم بالتحسينات، إحتج الرجل بشدة وإستظهر بما يفيد قيامه بالتحسينات وقال إن الذنب ليس ذنبه إذ لم تستجب الإدارة لمراسلته بتفقد المطعم ثانية ...
كل ذلك لم يشفع للرجل ...إتصل بمندوبية السياحة فإكتشف أن الرسالة مازالت رابضة في مكانها بعد سبعة أشهر من إستلامها لسبب غير معلوم
كاتب الرجل وزير الداخلية وولاة المهدية -والولاة لا يعمرون كثيرا في عاصمة الفاطميين- دون أن يظفر برد...
في الأثناء عاد الزائران رسولا قيس ،عرضا على "سي محمود" الحصول على خمسة بالمائة من مداخيل المطعم ليتدخل سيدهم ويعيد الرخصة إلى الدلفين الأبيض...
ببساطة رفض محمود الستاي العرض السخي ورضي بغلق مطعمه،فورد عليه عرض ثان بكراء المطعم فثالث ببيعه ولكن الرفض كان ثابتا ليواصل سي محمود رحلة الشقاء مطالبا بحقه...
ولأن المصائب تأتي مجتمعة فقد تم إنتزاع قطعة أرض يؤكد محدثنا انه يملك عقد ملكيتها وأنه إشتراها سنة 1974 بترخيص من الوالي(بعد تجربة التعاضد إشترط ترخيص الوالي ) وأقيم على هذه الأرض مبيتان جامعيان زادا في متاعب محمود الستاي، فقد باتت السلط تتعلل بقرب المطعم من المبيتين ولذلك لا يسمح له ببيع المشروبات الكحولية مع الطعام ...
يقول سي محود متألما "هذه أرضي وقد رفعت قضية بأملاك الدولة التي إنتزعتها دون وجه حق...ثم لمن الأولوية في منطقة سياحية؟ لمطعم سياحي أو لمبيت جامعي خاص؟وكيف للمهدية أن تتطور ولا يجد السائح مطعما لائقا يرتاده خارج النزل؟"
يكفكف محمود الستاي دموعه التي غالبها دون أن يغلبها ويضيف"لماذا لا يسأل أحد عن مصير عائلات العمال الذين شردوا بإغلاق المطعم؟ ولماذا أواصل دفع الضريبة إلى اليوم رغم زوال الكابوس يوم 14 جانفي؟
وقبل أن نترك سي محمود أخبرنا بأنه إتصل بالوالي الجديد للمهدية الذي يبدو أنه تعاطف مع محدثنا ووعده خيرا....آملين أن يفي بوعده عكس سابقيه ...
تحقيق وصور:محمد بوغلاب
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire