jeudi 27 octobre 2011

أحمد بن صالح يتحدث

أحمد بن صالح
مهندس سياسة التعاضد ومؤسس أول حزب معارض لبورقيبة
في حوار خاص:


يعتبر أحمد بن صالح من شيوخ السياسة في بلادنا ،ولد في المكنين في 13 جانفي 1926 ( أي أنه تجاوز 85 من العمر)،  كان كاتبا عاما لشعبة الطلبة الدستوريين بباريس(1946) وكان همزة الوصل بين  الملك الشهيد المنصف باي  في منفاه ببوPau  والزعيم بورقيبة وقيادة الحزب الحر الدستوري.
ترأس الإتحاد العام التونسي للشغل (1945-1956) و أنتخب سنة 1956 عضوا في المجلس التأسيسي وشغل منصب النائب الأول لرئيس المجلس وترأس اللجنة العليا لإعداد الدستور  وأعيد انتخابه ثلاث مرات متتالية في مجلس الأمة (التسمية القديمة لمجلس النواب) .
التحق بالحكومة سنة 1957 وزيرا للصحة وفي الستينات أسندت إليه جميع الوزارات الاقتصادية معا وهو ما مكنه من إطلاق تجربة التعاضد التي أفضت به لاحقا إلى السجن في مسيرة صعود وهبوط نموذجية لبطل تراجيدي.
 في جويلية 1968 أضيفت إليه حقيبة التربية وكان أيضا عضوا بالديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري(الحزب الحاكم) وأمينا عاما مساعدا له.
عزله بورقيبة من كل حقائبه في 7نوفمبر 1969 وتمت إحالته على المحكمة العليا بتهمة الخيانة العظمى في ماي 1970 وصدر ضده حكم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات لكنه تمكن من الفرار من السجن في فيفري 1973 ، وفي العام نفسه أسس حركة الوحدة الشعبية أول حزب معارض لبورقيبة.
لم يعد إلى تونس إلا بعد 7نوفمبر 1987 ولكن لم يطل به المقام إذ عاد إلى المنفى من جديد في سبتمبر 1990 ولم يستقر في وطنه بصفة نهائية إلا سنة 2000.
أحمد بن صالح استقبلنا في بيته ...تفاصيل لقائنا في هذا الحوار الخاص:
 


* كنت أتوقع أن أجد فيلا فاخرة لا فيلا عتيقة متواضعة؟

هذا البيت  إشتريته قبل الاستقلال أيام المجلس التأسيسي، كان الحي يتبع شركة السكك الحديدية (الشمينو) أخذت قرضا من بنك الإعمار وإقتنيت هكتارا من سيدة إيطالية بعد أن اقترضت مبلغ مليون بالفرنك الفرنسي من أحد الأصدقاء  مقابل كمبيالات أسددها في آجال مضبوطة ...

*أنت من جيل سياسي حكم تونس  يكاد يجمع عليه بنظافة اليد، فهل هو تعفف منكم أو أن نظام الحكم زمن بورقيبة كان يمنع الفساد؟

لا هذا ولا ذاك ، نحن خرجنا من جو استعماري  أنا مثلا "ما قبلتش ندخل للحكومة "كنت كاتبا عاما للإتحاد العام التونسي للشغل وحتى حين عرض علي بورقيبة الإنضمام إلى أول حكومة إعتذرت فقال لي " سأوليك الشؤون الإقتصادية" فأجبته مشاكسا "الشؤون موجودة ولكن الاقتصاد غير موجود" وإنتهى حديثنا عند هذه النقطة . بعد ذلك غبت في مأمورية لتوحيد نقابات المغرب العربي فتمت تنحيتي من على رأس الإتحاد وفور عودتي قدمت إستقالتي من الإتحاد عكس ما كانوا ينتظرون

•    تتحدث عن الموضوع بكثير من التجرد وكأن الإنقلاب عليك لا يستحق أن تأخذ منه موقفا بعد كل هذه السنوات؟

هو حدث ولا يهم كيف نصنفه...المهم أنه وقع

•    هل الحبيب عاشور هو الذي إنقلب عليك؟

ليس وحده "بكلهم" كانوا معا ...أما التهمة التي وجهت لي نقلا عن بورقيبة أن برنامج الإتحاد الاقتصادي شيوعي وهذا الكلام قاله لي بورقيبة وهو يضرب رأسه بالملف الذي تضمن البرنامج الذي أعده الإتحاد


*هل هو برنامج الإتحاد أو برنامج أحمد بن صالح؟

هو برنامج الإتحاد، كنا مجموعة عملنا معا وقدمنا ما قدرنا عليه، قمنا بواجبنا إنطلاقا من حاجات المجتمع التونسي إثر الاستقلال...
وخروجي من الإتحاد أضعف دوري في المجلس التأسيسي الذي نجحت في جعله -وكانت الإدارة التونسية في عهدة الفرنسيين-  قادرا على مراقبة الحكومة منطلقا من مبدإQui peut le plus peut le moins فالمجلس كان يسهر على تسيير دواليب الدولة

*هل هذا المنطق صالح للمجلس التأسيسي الذي تم انتخابه يوم 23 أكتوبر؟

موقفي واضح لا يتغير مع المستجدات... وكما صرحت سابقا فإن  الهيئة العليا  لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي لا معنى لها لأنها ولدت من الهواء بعد أن اقترحنا أنا وأحمد المستيري برلمانا شعبيا له الشرعية الثورية بمشاركة الجهات التي صنعت الثورة ودوره مراقبة الحكومة أو تنبثق منه حكومة الثورة وهو الذي يسهر على تحرير دستور يستفتى الشعب عليه...ولكن مقترحنا لم يعجبهم

*من هؤلاء؟

الذين تولوا حكم البلاد في الفترة الماضية... ذهبت أنا وأحمد المستيري إلى فؤاد المبزع الذي أصبح رئيسا على أساس الدستور القديم- الملغى- ووافق على اقتراحنا وقال لنا إذا لم يتسن لنا منحكم مقر مجلس النواب سنجد لكم مكانا في القصبة وبعد أيام صرح بأنه ليس موافقا ....أحنا ما شاورناشي ولكن أعلمناه  ....

*مع إحترامنا لقيمتكم كشخصيات تاريخية ولكن ماهي الشرعية التي تملكونها لفرض مقترحاتكم؟ فالشباب هو صانع الثورة ولستم أنتم؟

كلامك صحيح وما إقترحناه  كان لفائدة الشباب بدرجة اولى ونحن لم ننسب لأنفسنا الثورة ... "مبادرتنا رفسوها وبدلوها ومن بعد لوحوها "وخرجوا عن الموضوع وخلقت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة بشكل مشوه ...طلبوا منا في حركة الوحدة الشعبية اقتراح رجلين وإمرأة فلبينا الطلب ولكنهم تراجعوا وزعموا أنهم إتصلوا بي كشخصية وطنية وهذا كذب علي وإفتراء وحتى لو شاركنا في الهيئة لجددنا مطلبنا ببعث برلمان شعبي ثوري ، من ذلك الوقت بالضبط توقفت الثورة في رأيي وأملي أن يكون المجلس التأسيسي في مستوى الأمانة ليضطلع بدوره في تحقيق أهداف الثورة...

*سي أحمد أنت وأحمد المستيري و مصطفى الفيلالي شاركتم في المجلس التأسيسي الأول وتريدون- في رأي البعض-  ركوب الثورة؟

نحن لم نقترح أنفسنا في أي لجنة... أنا لست مسجلا حتى كناخب لا أنتخب ولا أترشح فسني وحياتي الشخصية تمنعني من المشاركة السياسية...

*لماذا هذه الإستقالة؟

رأيي أعبر عنه دون أن أترشح... المشاركة في النقاش العام  حول شأن وطني من حقي كمناضل تحملت مسؤوليات في الدولة "حبينا نساعدو " والذين رفضوا لم يتحركوا طيلة 23 سنة ومازالوا يسيرون دواليب الدولة إلى اليوم...

*إلي تعرفوا خير ملي ما تعرفوش؟

إن كان الأمر على هذه الشاكلة "مبروك عليكم"( يكررها مرتين) إسكتوا وإستناو... نحن قلنا لا... كان يمكن أفضل بكثير مما كان بتشريك فئات أوسع من الناس من كل الجهات وقد سجلنا موقفنا بأن هذه المسيرة ليست ثورية فالثورة توقفت عند إلغاء الدستور وتكوين هيئة عليا لتحقيق أهداف الثورة

*المد الثوري متواصل بمحاكمة العائلة ومصادرة شركاتها؟

هذا ليس مدا ثوريا هذه إجراءات العدالة وإذا لم يقم  القضاء بواجبه في ما مضى فمن الإيجابي ان يقوم بدوره الآن و هذا من مكاسب الثورة وكلامي معكم من مكاسب الثورة التي سمحت لنا على الأقل بالتعبير الحر عن آرائنا...  وأخشى أن ينجح المرتبطون بالنظام السابق في إسكات التونسيين من جديد وتزييف وعيهم وإلا ما الجدوى من أكثر من 110 حزبا سياسيا؟  علاش موش أربعة تيارات كبرى وتمشي البلاد على كيف كيفك ؟ الأغلب على الظن أن التمويلات من الخارج بصدد دفع احزاب دون غيرها إلى المقدمة

*هل مازال لديكم في حركة الوحدة الشعبية وجود فعلي في الساحة؟

طبعا ....ما عناش إمكانيات مادية كبيرة ...نحن حركة ولسنا حزبا

*حتى النهضة حركة؟

أي نعم حركة  ولكن موش كيف كيف، آش جاب هذا لهذا... لسنا حزبا بمعنى التحزب والتعصب، نحن أقدم حركة معارضة منذ 35 سنة ولم يعترف بنا  لا في عهد بورقيبة ولا في عهد بن علي وسجن مناضلونا وتم تقسيم الحركة وتأسيس حزب الوحدة الشعبية (جناح محمد بلحاج عمر ثم خلفه محمد بوشيحة) موله النظام السابق باش يدرعو خلايق  حركة الوحدة الشعبية ...وقد بعثنا بعد الثورة في كل فرع خلية للتنمية الجهوية وخلية للتعليم وخلية للثقافة نعمل في هذا الطريق لأننا حركة سياسية وتنموية بالسعي إلى ضمان مجتمع متوازن دون طبقات هاضمة وأخرى مهضومة... مازلنا متشبثين بالمبادئ الأساسية: مجانية التعليم والصحة والضمان الاجتماعي

*يرى البعض أن حركة الوحدة الشعبية لم تخرج من عباءة أحمد بن صالح فما صلح للستينات لا يصلح بالضرورة لهذا الزمن؟ فلماذا لم تقوموا بمراجعة أطروحاتكم؟

هذا خطأ... لنا أبناء من الجيل الجديد يشتغلون على لوائح المؤتمر القادم دون هيمنة من أحد وأنا شخصيا بقيت  مع المجموعة حتى المؤتمر الذي سينعقد بداية السنة القادمة... أنا أكثر الوقت لا أحضر

*لماذا لم تدخلوا في تحالفات مع أحزاب أخرى؟
اجتمعنا مع أكثر من حزب ولكنا كلما شاركنا في اجتماع لا يذكر الإعلام سوى حركة النهضة من بين المشاركين

*لأنها عند البعض أهم حزب في تونس؟
لا ليس هذا هو المقصود ... أعتقد أنهم يهدفون إلى إيصال رسالة أن أحمد بن صالح متحالف مع النهضة ، وهذا كلام مخابرات وليس عملا صحفيا ... عقلية الأمن السياسي مازالت متواصلة في تونس "مع الأسف إلي ترباو في الأمن السياسي ما ينجموش يتبدلوا" يخلقون الأكاذيب للمس من الشخصيات هذا عبث زائف

*كيف كان إلتحاقك بالحكومة بعد الإستقلال؟
عرض علي بورقيبة وزارة الصحة ولكني اعتذرت بحكم التزامي في المجلس التأسيسي  فعلق بورقيبة c’est dommage je voulais etre tranquille avec ma consience  فلم يكن أمامي سوى أن أقبل ، بعد ذلك ناداني بورقيبة وعرض علي وزارة التخطيط ، دام السجال ساعة وقلت له"أولها وفقة وعقابها سلامة امنحني شهرا أقدم لك مذكرة تتضمن برنامج عملي إن وافقت فأنا معك، وهو ما حدث وقبل المذكرة وعرضها على الديوان السياسي الذي وافق هو أيضا وسرنا على هذا النهج فكل القرارات تطرح على اللجنة المركزية للحزب والديوان السياسي والبرلمان ولم نخرج أبدا عن هذا النسق حتى اندلعت الأزمة باجتماع اللجنة المركزية للحزب الذي سينظر في المخطط الرباعي الثاني وذكرت أن مسألة التعاضديات تتطلب التدرج في إصلاح الفلاحة فما كان من بورقيبة إلا أن طلب تعميم التعاضد بشكل فوري... أتحدى أيا كان شاهدني أتدخل  في الساحة التعاضدية بعد أن كونا منظمة جديدة للتعاضديات ومعهدا عاليا  للدراسات التعاضدية (الذي حذف بعد خروج بن صالح من الحكومة)


*هل تذكر أنك غادرت الحكومة بشكل نهائي يوم 7 نوفمبر سنة 1969؟
لا أذكر ذلك؟ يمكن، ملا فال والعياذ بالله ...

*سيد أحمد، حين فشلت تجربة التعاضد(يقاطعني بقوله لا لم تفشل) فعدلت من سؤالي وقلت له حين أفشلت التجربة فإعترض مجددا قائلا:
التعاضد موجود إلى اليوم راجعوا وتثبتوا ...بعد دخولنا السجن شنت حملات على سياستنا الاقتصادية من بين هؤلاء الشاذلي العياري، وبعد عودتي من المنفى وجدت هذا الشخص يصرح لولا سياسة بن صالح لانهارت الفلاحة التونسية "الناس موش عارفة شنوة معنى التعاضد إلى اليوم" لقد تم تهييج الناس في عدة مناطق من البلاد لإفشال التعاضد وتشويه ما حققناه لفائدة المواطن

*سيد أحمد في ما صدر من كتب لك أو عنك وتصريحات، مازلت تدافع عن خياراتك ولم تعترف بأي خطأ في مسيرتك السياسية ودائما ترجع ما حدث نهاية الستينات إلى تآمر عليك؟
هذا هو الواقع ... بعدما تم تأميم 400 ألف هكتار في الشمال الناس هاجت برشة ناس ولات مناضلين أرادوا أن يستحوذوا على هذه الضيعات فأبيت إلى درجة أننا بعثنا ديوان الأراضي الدولية لحماية هذه الأراضي... التجربة لم تكتمل فكيف تعتبروننا قد فشلنا وأخطأنا؟ والفلاحة نتائجها ليست آنية... خطئي أني قبلت العمل في الحكومة ...كنا أمام ثلاثة مشاكل هي اشتراكية الأراضي وبتدخل شخصي فضيت مشاكل  في سيدي بوزيد بدأت بها و ذهبت على عين المكان وكونا تعاضديات وفي جهة القصرين ...أنا من أذن بغراسة التفاح في سبيبة في أرض كانت محل تنازع... أصحاب الأرض دعوا  بي في الشارع ...بعد عودتي من المنفى جاءني شابان ليبلغاني سلام والدهما وهو نفس الشخص الذي  كان دعا بي أيام التعاضد وأبلغاني على لسانه" بجاه ربي سامحني دعيت بيك " ما نعرفوش بالوجه ولتوة يبعثلي السلام ...

*كثيرون يقولون إن سيدي بوزيد والقصرين تعرضتا للتهميش منذ الإستقلال؟
موش صحيح... سامحني هذا تزييف للوقائع أنا مشيتلهم و لم أنتظر  قدوم أحد يشتكي لنا وقدمت لك أمثلة .
الداء الثاني للفلاحة التونسية زمن الاستعمار وتواصل بعد الإستقلال هو تشتت الملكية بسبب توزيع الميراث وهو ما يمنع استثمار هذه الأراضي بشكل ناجع، الداء الثالث هو الإستعمار نفسه فالشمال الغربي لم يكن ينتج لا الخضر ولا الغلال فقد خصصه الفرنسيون لزراعة القموح التي يتم تصديرها لفرنسا .
تفاوضنا مع فرنسا أنا والمنجي سليم وتحصلنا على 125 ألف هكتار قاموا بكراء بعضها لبعض الناس- في ظروف غير شفافة-  الذين أصبحوا يتخلفون عن تسديد معلوم الكراء... حين فرض علي بورقيبة وزارة الفلاحة منحنا  الأولوية في الشمال لتنويع الزراعات فبدأت بالكاف وكونا15 تعاضدية من أراضي المعمرين(انتقلت إلى ملك الدولة) والملكيات المشتتة مع المحافظة على ملكية الناس الفردية بحضور صحافيين من السويد"كانت حاجة خارقة للعادة في نظرهم "وبعد خمس سنوات من حسن التصرف توزع أراضي الدولة على الفلاحين العاملين في التعاضدية ...كونا 15 وحدة إنتاجية وتوسعت حتى بلغت 350 تعاضدية في الشمال الغربي بوجه خاص ، كان ينبغي تنويع الفلاحة وواجهنا مشكل التمويل فطلبنا من البنك الدولي الذي لم يسند أي قرض فلاحي منذ تأسيسه سنة 1945
ولأول مرة منح البنك الدولي 18 مليون دولار لمشروع التعاضديات "مشينا للكاف زرعنا الحوت في واد ملاق ولتوة ياكلو الحوت منو"

*أنا من الوردانين(الساحل التونسي) التي سقطت فيها سياسة التعاضد بموت أحد أبنائها وللورادنية إحساس بأنك لا تستلطف الوردانين لأنك تتهم عبد الله فرحات ومحمد فرحات- أصيلا المنطقة وقد كانا من رجال بورقيبة الأقوياء- بأنهما تآمرا عليك بالتحالف مع وسيلة بورقيبة فهل هذه الرواية سليمة تاريخيا؟
ما عندي شيء ضد الوردانين وعبد الله فرحات كان جاري هنا في رادس  المشكل أني كنت ماشي أعمى لا أشك في أحد من رفاقي...

*تاريخيا هل كان عبد الله فرحات ضد التعاضد؟
لا المسألة لا تتعلق بالتعاضد... بورقيبة بالغ في شكري وتمجيدي فجعلني عدوا لفئة من وزرائه ...في تلك الفترة الناس الكل شاركت في إسقاط التعاضد .
حين وقعت أحداث الوردانين بعد تعميم التعاضد الذي كنت ضده ورفضته ...لا أريد الدخول في التفاصيل ...ولكني كنت في برلين مدعوا في مهرجان فلاحي وحين عدت وجدت الأوضاع ساخنة ...ناداني بورقيبة وطلب مني التنقل إلى الوردانين لتهدئة الوضع  وذهبت رفقة المناضل حسن بن عبد العزيز- أصيل المنطقة وأحد أبرز رجال المقاومة المسلحة"الفلاقة"- وكونا خلايا الوفاء للنظام ...كان الأمر في الظاهر عاديا ...
حين دخلت السجن بعد عشر دقائق من التحقيق بتهمتي الخيانة العظمى وقتيل الوردانين "شيء غريب  والله"... بعد ذلك  عين بورقيبة إبنه وزيرا للعدل في تلك الفترة ...لم يمض سوى أسبوعان حتى تمت إفادتي بحذف التهمة المتعلقة بقتيل الوردانين
*هل كان بورقيبة الابن وراء هذا الإجراء؟
ربما ...لأن بورقيبة الابن يعرفني جيدا 

*هل قابلت الزعيم  بورقيبة بعد خروجك من السجن؟
أبدا

*حتى بعد 7نوفمبر1987؟
أبدا

*لم تطلب مقابلته؟
أبدا "ولكني عمري ما سبيتو"

*هل مازلت عاتبا عليه؟
أبدا بورقيبة ماكانش في عقلو

*أنت تتحدث على بورقيبة نهاية الستينات؟
نعم بورقيبة لم يكن في أفضل حالاته منذ ذلك الوقت ...بورقيبة كان تحت العلاج واحد اطبائه عمر الشاذلي صرح في التلفزيون في 20 مارس الماضي بهذا ...من سنة 1967 حين تعرض للأزمة القلبية إتخذ بورقيبة منحى آخر ....هذه مرحلة لا بد من التحري فيها ...بورقيبة تغير منذ أزمته الصحية سنة 1967 و أشهد بذلك ...

*هل تعتبر بورقيبة صديقا لك؟
اعتبره رئيسي إلى أن دخلت السجن و سمعت ما قاله...صرح بورقيبة في الإذاعة بعد إصدار الحكم علي في اجتماع المجلس الأعلى للقضاء قال"لعل فيه خير... لعل حبل المشنقة أثمن من عنقه" من وقتها حدثت القطيعة مع بورقيبة وقررت مغادرة السجن .

*هل صحيح أنك درست بن علي؟
هو من قال لي هذا الكلام ولكني لا أذكر أني درسته في معهد الذكور بسوسة ...

*كيف جرت الواقعة؟
بعد عودتي من المنفى سنة 1988 أرسل لي منصر الرويسي ، حدثته بصراحة قلت له الناس إلي في الحكومة موش متاع حكم ...  ثم سلمني ورقة خط عليها بالحبر الأخضر كما  كان يكتب بورقيبة  بالفرنسية الجمعة 27 جوان أو جويلية -لا أذكر- الساعة الخامسة ...
المهم ذهبت لمقابلة بن علي... استقبلني بحفاوة بالغة  وسلم علي بإنحناءة ومنحني الكرسي الوثير... قال لي إني كنت أستاذه فسألته مادمت أستاذك فكيف أناديك؟ لم أستطع أن أقول له سيدي الرئيس...رد "إنت خونا الكبير ناديني كيما تحب" قبل أن أجلس سألته لماذا لم تمنح لي الداخلية تأشيرة الحركة .
 رد علي "ما ثمة حتى مشكل" وطلب على الفور مدير عام الشؤون السياسية فلم يتحصل عليه ولكنه طمأنني وقال لي "ما ثمة حتى إشكال " والنتيجة أني تحصلت على تأشيرة الحركة في فيفري 2011 ...ومدير عام الشؤون السياسية آنذاك إنتقل إلى الدار الأخرى...
ما أذكره أنه قال لي "حصل لي الشرف أني رفعت عنك أكبر مظلمة وقعت في العهد السابق" وهذه الحادثة ذكرتها أكثر من مرة وبن علي في الحكم ويبدو أنه تم إبلاغه بذلك ...
المهم بعد تلك المقابلة وضعت حراسة على بيتي في رادس وأول مرة أردت السفر منعوني من صعود الطائرة وحملوني إلى بوشوشة ثم  وزارة الداخلية ليستقبلني مدير الأمن(م . ع.ق) الذي عرض علي وثيقة أتعهد فيها بعدم ممارسة أي نشاط سياسي فرفضت وطلبت إضافة"إلى أن يأتي ما يخالف ذلك" وهو ما حدث ...
في المرة الثانية كنت أتهيأ للتحول إلى سوسة للإشراف على اجتماع للحركة، جاءني مفتش شرطة يبلغني برغبة وزير الداخلية في مقابلتي للتو فاستجبت لطلبه وانتظرت الوزير الذي لم يأت  وقابلت مدير الأمن من جديد ق...قمت وغادرت المكتب وإتجهت إلى سوسة ...
في المرة الثالثة  نظمت عشاء للمكتب السياسي للوحدة الشعبية وكالعادة كان الأمن يراقب البيت في ذلك الوقت  اعتقل جلول عزونة الذي لم يكن آنذاك معنا في الحركة ، أثناء الاجتماع كان معنا عبد الجليل قحبيش وكنا نناديه "جلول" فذهب في ظنهم أن جلول الذي حضر معنا هو جلول عزونة والنتيجة سبع ساعات من التحقيق  أذكر أننا حين أنهينا العشاء وجدنا عجلات كل السيارات مثقوبة شماتة وتنكيلا ...في المرة الرابعة قررت مغادرة تونس  نحو العراق بدعوة من طارق عزيز –ربي يخفف عليه - في الأثناء حضرت إحتفالا في السفارة الجزائرية وهناك إلتقيت سفير السويد وكان صدام حسين قد اعتقل عددا من السويديين فبادرت بإخبار السفير السويدي بأني سأتدخل لدى السلطات العراقية للإفراج عن الرهائن السويديين ، إتصل بي يوم الأحد هاتفيا ثم جاءني إلى البيت ليقدم لي قائمة الرهائن وغادرت معه البيت لإرتباطات عائلية متجها إلى منزل إبني  ...  فوجئت بأحدهم يعتدي علي ويفتك مني حقيبتي اليدوية وإمتطى سيارة البوليس " شكينا للمركز حسيت ان الحكاية فيها تمسخير" ...سافرت إلى بغداد كان الموضوع ندوة للاشتراكية الدولية بمشاركة الأحزاب العربية والإسرائيلية باستثناء العراق فكان طلب طارق عزيز أن أتكلم بإسم العراق وكان ويلي برانت (مستشار ألمانيا بين 1969 و1974) سبقني للعراق للتدخل لإطلاق سراح الرهائن ...
طلبت من طارق عزيز الإفراج عن الرهائن السويديين ونصحته بالخروج من الكويت (1991) لم يأخذ نصيحتي مأخذ الجد...واستجابوا لوساطتي وأطلقوا سراح الرهائن ...أذكر أن طارق عزيز قال لي" إن بن علي جدع "قلت له كيف ذلك ؟ فأجابني لقد  اتصل بصدام يؤيده في احتلاله الكويت

*هل إنتهى القذافي؟
القذافي استدعاني مرتين وأنا في المنفى مرة في عهد بورقيبة ومرة في عهد بن علي... ما وقع في ليبيا من تدخل للحلف الأطلسي يدفعني للسؤال أين  موقف دول المغرب العربي؟ لقد اقترحت عقد قمة مغاربية في تونس دون أن ينصت أحد ...هل يعقل أن ينظم ساركوزي مؤتمرا عن ليبيا ودول المغرب العربي تتفرج؟

*هل أنت مطمئن لما حدث في ليبيا؟
هناك عدة معطيات متداخلة ولكن حين ننظر في الشأن الليبي أسأل ما هو مستقبل المغرب العربي الكبير بعد الثورة في تونس وليبيا؟ هناك إهمال خطير بصراحة ، كيف ستكون العلاقات بين دول المغرب العربي؟ لماذا لا نتحفظ في التعامل مع دول  أوروبية ساندت بن علي إلى آخر لحظة؟

*هل لك ثقة في الباجي قايد السبسي؟
أنا لا أتكلم عن الأشخاص وإن كان هو قال عني في جريدة المغرب"بن صالح يغير رأيه كل عشر دقائق" ... المهم كان ردي بأن هذا التصريح طيش سياسي ويبدو أنه إستاء من موقفي كما أبلغني مصطفى الفيلالي...

*هل تقابلت مع راشد الغنوشي بعد الثورة؟
أبدا ...ولكنه اتصل بي هاتفيا قبل فترة يسأل عني ودعاني لعشاء إفطار في شهر رمضان الماضي تعذر علي حضوره وأرسلت من ينوبني وهو الأستاذ إبراهيم حيدر

*هل تخشى وصول النهضة إلى سدة الحكم ككثير من التونسيين؟
"بكلنا عندنا تحفظات على بعضنا" ولكن تحفظاتي على النهضة أقل من تحفظاتي على أحزاب أخرى ...




Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire