الطيب البكوش يتحدث

ا



غادر الطيب البكوش كرسي الوزارة الذي شغله في حكومتي الغنوشي الأولى والثانية وحكومة "سي الباجي"  ولكنه لم يغادر الحياة السياسية،  فالرجل لا يناور في تصريحاته وإن كان يتحفظ  عند سؤاله عن مستقبله السياسي وإمكانية ترشحه في  انتخابات رئاسية محتملة ...
والطيب البكوش نقابي تقلد خطة الأمانة العامة للإتحاد العام التونسي للشغل (1981-1984) ومناضل حقوقي صلب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ورئيس شرفي للمعهد العربي لحقوق الإنسان الذي تولى رئاسته من سنة 1998 إلى غاية 2011
استقبلنا الدكتور في اللسانيات  الطيب البكوش في بيته  صباح يوم الجمعة الماضي وبعد أن قدم لنا قهوة لذيذة انطلق حوارنا ...

•    ما تعليقك على بيان الباجي قائد السبسي للرأي العام؟
هو بيان متوازن موضوعي وأعتقد أنه-  خلافا لما قرأت لعدد من ردود الفعل من كونه يهدف لإزعاج الحكومة الحالية ومضايقتها-  يقدم النصح للحكومة والمساهمة في الخروج من التشتت الموجود في ما يتعلق بالقوى السياسية الموجودة ونتائج الانتخابات  دالة على التشتت السياسي فآلاف الأصوات كانت متفرقة لا جدوى لها ولم تخلق توازنا، فالمساعدة على إيجاد توازن مسألة إيجابية في تقديري.
*ما تقييمك لأداء حكومة حمادي الجبالي  خلال  الفترة القصيرة التي تولت فيها إدارة شؤون البلاد؟
شخصيا أتمنى نجاح هذه  الحكومة كما الشأن لأي حكومة تريد إصلاح الأمور وحل  مشاكل البلاد،  المهم مصلحة البلاد قبل كل شيء لكن لا ينبغي أن يؤول كل نقد على أنه انتقاد وإرباك  لأن كل  نقد بناء بطبيعته
*هناك نقد يهدف إلى وضع العصي في الدواليب كما يقال؟
لا... لا بد من تجاوز رد الفعل السلبي  لتعتبر ما يقال نصيحة أو اجتهادا أعجبك أو لم يعجبك دون جدل عقيم،  ربما من أسباب المشاكل الحالية البطء الذي ميز أداء الحكومة حتى عند تشكيلها
*سي الطيب تشكيل الحكومة لم يتجاوز الآجال الدستورية؟
لا وجاهة للحديث عن هذه الآجال فهي متصلة بفترة حكم تدوم خمس سنوات لا فترة انتقالية بسنة ، "ما عادش نتحدثوا على آجال دستورية إنتهى موضوع الدستور القديم" نحن  بصدد إعداد  دستور جديد
*هل آنت مطمئن إلى أن الفترة الانتقالية لن تتجاوز السنة؟
يجب أن تكون كذلك، هذا واجب أخلاقي وسياسي فالمرسوم ينص على ذلك كما أن  الأحزاب  في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة (11 حزبا على 12 وقعت الالتزام)  اتفقت على الفترة الانتقالية وعلى حدها الزمني وما زالت تعلن عن تمسكها بذلك(من بينها النهضة)  فلماذا لا نثق بها؟ أنا لا أحب الحكم المسبق على النوايا

*تحدثت عن بطء  في تشكيل الحكومة فهل هناك بطء في إدارة شؤون البلاد؟
لا توجد خارطة طريق وخطة عمل واضحة
*رئيس الحكومة دعا إلى حوار وطني؟
ما معنى ذلك؟ في ماذا سنتحاور؟ الحوار الوطني يكون عند الخوض في ميدان معين مثلا  حين توليت وزارة التربية قدمنا مقترحات  هي خلاصة عمل لجان متخصصة على موقع الوزارة قلنا إنها مفتوحة لاستشارة وطنية لجميع الآراء لإصلاح قادم في  قطاع التعليم فهذا يتعلق باستشارة في قطاع معين وقس على ذلك في أي مجال قطاعي،  أما حوار وطني في المطلق فلا معنى له،  استشارة في التشغيل لا معنى لها في هذه الظروف  لأن  المطلوب هو إجراءات عملية للتشغيل وللتنمية الجهوية "ما هي إمكانياتك وقداش تنجم تشغل؟ ما عندوش معنى تعمل استشارة ؟"
*لا بأس من إمهال الوزراء حتى يطلعوا على الملفات ويتخذوا الإجراءات المناسبة؟
"قول قداش يلزمك وقت باش تطلع على الملفات "لا تنس أن الحكومة انتقالية لفترة زمنية محدودة فمن الضروري ان نعرف كم من الوقت سيستغرق الإطلاع على الملفات ؟ مرت أكثر من ثلاثة أشهر والمجلس التأسيسي لم يكتب حرفا واحدا من الدستور الجديد وهو مهمته الأساسية التي انتخب من أجلها ولذلك أعتقد أن الجمع بين الوزارة وعضوية المجلس خطأ جسيم" قلتها ونزيد نعاودها" تفاديا للخلط بين التنفيذي والتشريعي ثم  كيف لعضو في المجلس أن يدير الوزارة  بما تتطلبه من حضور مستمر  وإمضاء للملفات؟ كان يمكن اختيار شخصيات أخرى من أحزاب الترويكا أو من خارجها من غير أعضاء المجلس ومن الذين لا طموحات سياسية لهم مثلما إلتزمنا في الحكومة السابقة بعدم الترشح أصلا لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي ليكون العمل لخدمة البلاد بعيدا عن الدعاية الانتخابية لهذا الحزب أو لذاك الوزير.  هذا هو رأيي
*ولكن البعض يرى أن الحكومة الجديدة نجحت في إعطاء صورة مغايرة لأسلوب الحكم فرئيس الدولة لا يرتدي ربطة العنق ووزير النقل أتى للوزارة بسيارة تاكسي؟
الشعب ليس في حاجة إلى هذا الآن،  ما تتحدث عنه ليس أولوية والشعب لم يقم بثورة ليأتي وزير النقل في تاكسي، مطالب الشعب معروفة عبر عنها قبل الثورة وفي الثورة وبالثورة  وما زال يعبر عنها،  الشعب يطالب بالتشغيل والعيش الكريم والتنمية المتوازنة  والمرافق الحياتية والحرية والكرامة بطبيعة الحال،  ماذا يفيده أن يأتي الوزير في تاكسي أو في مرسيدس؟ سيارة الوزير موجودة وإن لم يستعملها سيأكلها الصدأ إلا إذا قررت هذه الحكومة أن تبيع كل السيارات الموضوعة على ذمة الوزراء فهذا أمر آخر " بيعو كراهب الدولة الكل إذا كانت هي الحل لمشكل التمويل، بيعو الكل وإستعملوا تاكسيات"
*ورئيس الدولة؟ ما رأيك في مواقفه؟
هي مثيرة للجدل أحيانا، كانت له تصريحات يمكن أن تخلق مشاكل لتونس بخصوص الجزائر وسوريا ونوع من الإحراج للسلطة الفلسطينية وعدة قضايا
اعتقد أن هناك ثوابت في السياسة الخارجية التونسية وهي ثوابت إيجابية تعود إلى عهد بورقيبة كانت فيها فائدة لتونس وتغييرها الفجئي يحدث أضرارا بتونس .
تونس لا بد أن توازن بين البعد العربي والبعد الإسلامي والبعد المتوسطي،  أما البعد المغاربي فمفروغ منه وتفعيله ضروري بالفعل لا بالتصريحات، هذه كلها أبعاد من الشخصية التونسية والسياسة الخارجية التونسية التي لا بد من المحافظة عليها وتطويرها
*ما رأيك في رفض بعض التيارات السياسية للعلاقة الخاصة بين قطر وحكومة الجبالي؟
أنا لا أبالغ في تشخيص هذه  العلاقة  كأنها وصاية واحتلال "لا ما يلزمش نعطيوها أكثر من حجمها " هناك شيء من المبالغة
•    ما موقفك من تدخل الشيخ الصادق شورو  بخصوص المعتصمين واستشهاده بآية الحرابة(المائدة 33)؟
هو حر في آرائه ولكن بعض التصريحات تدخل تحت طائلة القانون كأن تدعو إلى القتل فحركة حقوق الإنسان العالمية ضد القتل إطلاقا،  و حتى في الدول التي تقر بحكم الإعدام  وحدها  العدالة التي تختص بهذا الأمر لا أن تدعو الشارع إلى القتل، هذا بث فتنة والفتنة اشد من القتل ومثل كلام شورو غير مقبول وخاصة إخراج الآية من سياقها ( ويل للمصلين) ثم إن الآية تتعلق بالذين يحاربون الله ورسوله فهل وضع الصادق شورو نفسه في مقام الله والرسول؟ غير مقبول هذا الكلام  بعد الثورة وفي مجتمع متحضر ؟ هذا كلام مرفوض...
*أنت تتحدث عن مانديلا تونس؟ الرجل قضى عقودا في السجن زمن بن علي وله شرعية نضالية لا يملكها كثير من منتقديه؟

كنت أعتبره مناضلا وضحى بسنوات طويلة من عمره ولكن مثل هذا الكلام ينقص تسعة أعشار من قيمته وأكثر ...

*ما قيمة أحداث 26 جانفي 1978 ليحتفى بها مثلما حدث هذا العام؟
أنا كنت أول من أحيا هذه الذكرى في عهد بن علي  في إطار الاتحاد العام التونسي للشغل في منوبة والقيروان وزرمدين .. صحيح تم التعتيم على هذه المناسبة ولكن  ربما راعى النظام  كوني  أمين عام سابق للإتحاد ولم يمنع هذه التظاهرات ، 26 جانفي ذكرى للعبرة
*ماهي العبرة من 26 جانفي الذي سالت فيه دماء التونسيين ويرى فيها البعض مجرد لي ذراع بين الحبيب عاشور(أمين عام الإتحاد العام التونسي للشغل)  والسلطة؟
هذا الطرح مغلوط،  الإتحاد أعلن في المجلس الوطني(8-10 جانفي1978)  عن إضراب عام ب24 ساعة يوم 26 جانفي عدى القطاعات الحيوية (الماء،الغاز، الصحة...) وأنا وافقت على إعلان الإضراب لأن السلطة  بدأ ت في ضرب الإتحاد(كان وقتها مدير الحزب محمد الصياح) " لا زم تشوف الخلفية السياسية والاجتماعية للأحداث"
*ولكن تلك الفترة كانت فترة انفتاح؟
غير صحيح،  لا تنس أن الطاهر بلخوجة تمت إقالته نهاية شهر ديسمبر 1977 وإستقال خمسة وزراء (محمد الناصر ،عزوز الأصرم، منجي الكعلي، الحبيب الشطي، منصف بلحاج عمر) ورفعت الحكومة شعار" العصا لمن عصى" فكيف تكون فترة انفتاح ؟  هناك أزمة سياسية وكان الهدف ضرب الإتحاد وضرب استقلاليته


*هل كان بورقيبة يهدف إلى ضرب الإتحاد؟
أنا لا أشخص الأمور،  هناك نظام كامل...وإذا ما عدنا إلى أصل الإشكال فهو التداخل بين الدولة والحزب الحاكم وكل تداخل من هذا النوع يحول دون تطور التنمية الديمقراطية وتنمية الحريات فالفصل بين الدولة والأحزاب السياسية ضرورة حيوية للتطور الديمقراطي
*هذا تحليل عام أنا تهمني الملابسات،  محمد الصياح كان مدير الحزب الاشتراكي الدستوري في تلك الفترة والحبيب عاشور أمين عام الإتحاد كان عضوا في الديوان السياسي؟
الحبيب عاشور قدم استقالته من الديوان السياسي وانسحب نقابيون من الحزب  الاشتراكي الدستوري ...القضية تهم تصورا كاملا
*من المسؤول عن الدماء التي سالت؟
رويدك ...السلطة من أول الاستقلال - وهذه مسؤولية بورقيبة- استهدفت استقلالية الإتحاد  فقد تم ضرب أحمد بن صالح(1954-1956) والانقلاب عليه وهو في مهمة نقابية خارج تونس تم ذلك بموافقة من قيادة الإتحاد آنذاك وعوضه احمد التليلي دون استنقاص من قيمة أحمد  التليلي  ولكن الإتحاد قبل لعبة السلطة وعلى الحركة النقابية  أن تعترف بأخطائها في هذا المجال وأعتقد أنه لا بد من إعادة الاعتبار لأحمد بن صالح.
 كما أن الحبيب عاشور كون إتحاد عمال تونس(نفس التسمية التي استخدمها إسماعيل السحباني في منظمته النقابية الجديدة)
*هل تعترف كأمين عام سابق للإتحاد بأنكم تتحملون المسؤولية؟
دون شك،  الحركة النقابية تتحمل مسؤولية إضعاف الإتحاد العام التونسي للشغل لأنها قبلت الدخول في لعبة السلطة في أكثر من مرة لإزاحة هذا وتنصيب ذاك  وقد بقيت السلطة تعين ممثليها في قيادة الإتحاد إلى السبعينات "ديما عندهم شكون" إلى غاية المؤتمر 14 سنة 1977 إذ لم ينجح أحد من المقربين من السلطة ولم يسحب ترشحي رغم طلب بورقيبة ذلك،  كنت في نظر السلطة مثقفا غير دستوري أي أني شيوعي
*بورقيبة طلب سحب ترشحك؟
نعم طلب ذلك من الحبيب عاشور قال له je ne veux pas de cette candidature  فرد عليه بأن القانون يسمح له بالترشح ولا يمكنني منعه ، بطبيعة الحال لم يرض ما حدث في المؤتمر 14 لا السلطة ولا الحزب بعد أن قلمت أظافره داخل الإتحاد .
*كيف عشت يوم 26 جانفي  1978 كأمين عام مساعد مكلف بالدراسات؟
كارثة، تمت محاصرتنا في أميلكار(نزل على ملك الإتحاد بضاحية قرطاج )  برا وبحرا وجوا، " الهيليكوبتر كانت تحوس فوق رؤوسنا"،  أصدرنا بيانا  كتبته بخط يدي وسلمته للأخ الحبيب عاشور،  بعد مدة طويلة عرفت أنه نشر في جريدة الوحدة التي كانت تصدرها حركة الوحدة الشعبية(أحمد بن صالح) في الخارج،  وتم اعتقالنا يوم 27 جانفي ، تم اقتيادنا إلى وزارة الداخلية حيث قضينا شهرين في زنزانة بالطابق الرابع ثم السجن في زنزانة المحكوم عليهم بالإعدام في سجن 9 أفريل لمدة ستة أشهر ثم تمت محاكمتنا وأصدرت أحكامها بين 5 و 10 سنوات...
*متى كانت آخر مرة التقيت فيها بورقيبة "وجها لوجه"؟
إلتقيته وأنا أمين عام للاتحاد لآخر مرة قبيل المجلس الوطني للإتحاد،  قابلته للمطالبة بتنفيذ ما وعدني به ورفع الإقامة الجبرية عن  الحبيب عاشور ورفع الاستثناء عنه في ما يتعلق بالعفو،  كان هذا في خريف 1981 ، كان  وعدني بالعفو عن عاشور في ذكرى ميلاده ( 3 أوت) و حين كنت أطلب منه أن يشمل العفو الحبيب عاشور كان يذكرني بعلاقته بالقذافي والمصمودي(وزير الخارجية التونسي المقرب من القذافي)  ويقول إنكم أعلنتم إضرابا عاما بثلاثة أيام وكنت أصوب له وأقول إنه إضراب عام ليوم واحد
*كيف قبل بورقيبة التعامل معك وأنت أمين عام بعد أن طالب بمنعك من الترشح في مؤتمر سنة 1977؟
بورقيبة سياسي من رأسه إلى أخمص قدميه، هو رجل  ذكي،  حين استقبل المكتب التنفيذي بعد المؤتمر 14 نبهت الأخ الحبيب عاشور بأني سأرد الفعل إن تعرض لي بورقيبة بأي كلمة  فأبلغ عاشور وسيلة  بورقيبة بالأمر...
عند استقبالنا فرح  بورقيبة بي  بصفة خاصة وأطال معي الحديث...لا بد من الاعتراف لبورقيبة بأنه كان يقدر المثقفين ويحترمهم ...
*بورقيبة أصبح اليوم  موضة وكثيرون يختفون تحت  عباءته؟
ما نتصورش...لكنه تقدير للجانب الإيجابي في بورقيبة  أما الجانب السلبي فيه  فتزامن مع فترة مرضه وشيخوخته، خيارات  بورقيبة في بداية الاستقلال – وإن لم تكن محل إجماع ويمكن مناقشتها – كانت مبررة ، كان له تصور للدولة الوطنية لكن خطأه أنه لم يتقدم في مجال الحريات والديمقراطية  بل زاد تصلبا مع الزمن فحتى الحزب الشيوعي تم حله سنة 1963 بعد أن شارك في انتخابات المجلس التأسيسي
*هل انتميت للحزب الشيوعي؟
لم أنتم مطلقا لأي حزب في حياتي
*ما تعليقك على انتخاب حسين العباسي أمينا عاما للاتحاد العام التونسي للشغل؟
الإتحاد حر في انتخاباته ولا يحق لي التعليق على أموره الداخلية حتى لو كنت أمينا عاما سابقا له
*ولكن الإتحاد التزم بتطبيق الفصل 10 ولم يجدد جراد ومن معه ترشحهم لنيابة ثالثة؟
هذا أمر  إيجابي أنوه به، لقد طالبت بهذا منذ سنة 1981 بدءا بنفسي و طالبت بتطبيقه في الإتحاد وفي رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة وفي كل المنظمات والأحزاب ، أكثر من ذلك أطالب اليوم بأن تكون ولاية الرئيس لدورة واحدة" خلي الناس تستانس على تبديل الوجوه" ثم تتم العودة إلى ولايتين لا ثالث لهما،  لا بد من ترسيخ مبدإ التداول
*هل مازال للإتحاد مستقبل في ظل تعددية نقابية؟
طبعا له مستقبل، قبل الثورة كانت التعددية النقابية مفتعلة باستثناء بعث الإتحاد الوطني التونسي للشغل  ...كان ذلك خطأ إستراتيجيا من قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل بطرد نصف المكتب التنفيذي سنة 1983  وأنا كنت ضد هذا القرار الذي نتج عنه ضعف الحركة النقابية ودخولها في أزمة،  بعد ذلك جاءت قصة الشرفاء فإفتكت الشرطة دار الإتحاد وسجن عاشور ونصب الشرفاء
*لماذا لا يعتذر الإتحاد عن أخطائه؟
في المؤتمر الأخير(المؤتمر 22) ولأول مرة اعتذر الإتحاد للشعب التونسي عن مساندته لبن علي وأعتبر هذه الخطوة شيئا إيجابيا .

*هل ستبقى مستقلا؟
سأظل دائما مستقلا في تفكيري
*أتحدث عن الانتماء التنظيمي؟
لا قرار مسبق في هذا المجال ...
*والمعهد العربي لحقوق الإنسان؟
أنا رئيس شرفي لا أتدخل في تسييره فله رئيس ومديرة ولكني أتقدم بالنصيحة وقد أساعد، لا غير  ...
*خلال فترة إشرافك كان المعهد –في نظر البعض- مجرد مكتب ضبط لتسجيل انتهاكات حقوق الإنسان دون اتخاذ أي موقف؟
هذا حكم خاطئ تماما ناتج لعدم فهم دور المعهد فتسجيل الانتهاكات ليس دوره
  المعهد دوره هو النهوض بحقوق الإنسان بالتثقيف  والتكوين الذي يشمل إطارات المنظمات والوزارات والإدارات  من أساتذة وقضاة لتكون المحاكمات عادلة بالمعايير الدولية وللمحامين والأطباء حتى يفهم الطبيب  أنه لا يمكن منح شهادة تثبت وفاة سجين تحت التعذيب بسكتة قلبية رضوخا للسلطة .
*هل أنت مطمئن على  حقوق الإنسان ببعث وزارة يشرف عليها قيادي نهضاوي هو الأستاذ سمير ديلو؟
بغض النظر ومع كل احترامي للأستاذ سمير ديلو أنا ضد بعث وزارة لحقوق الإنسان ...
*لماذا؟  بعث وزارة لحقوق الإنسان اعتراف من الحكومة بأهمية هذا الملف؟
لا... لا ،  الإدارة والحكومة هي التي تنتهك حقوق الإنسان عن وعي أو عن غير وعي،  الدولة يمكن لها أن تنشئ هيكلا للنهوض بحقوق الإنسان...

*عندنا هيئة عليا لحقوق الإنسان ؟
لا بد من تنشيطها
*على رأسها نورالدين حشاد  إبن الزعيم النقابي  فرحات حشاد؟
هذه الهيئة هل لديها  قانون أساسي مناسب للوضع الراهن؟ كما أن  آليات العمل مفقودة ...فكل  هيكل"تحب تعطيه قيمة"  لا بد من تمكينه قانونيا وتوفير الإمكانيات البشرية والمادية لا الاكتفاء بالشعارات...لابد أن تكون الهيئة خارجة هن السلطة التنفيذية وإلا لماذا كونا في الحكومات الانتقالية بعد الثورة هيئات مستقلة للانتخابات ولإصلاح الإعلام ولتقصي الحقائق ولمكافحة الفساد؟
وزارة حقوق الإنسان مادامت موجودة دورها مساعدة المجتمع المدني على حماية حقوق الإنسان لأنه دوره هو لا دور الحكومة " ما تنجمش تكون إنت خصم وحكم "
*ما رأيك في أداء خليفتك سمير ديلو كناطق رسمي باسم مجلس الوزراء؟
هناك فرق كبير ... هو ناطق باسم الحكومة وأنا كنت ناطقا باسم مجلس الوزراء،  هو مسؤول عن الإجابة عن كل كبيرة وصغيرة تهم الحكومة وهذا لم يكن دوري...
*هل حضرت محاكمة قناة نسمة؟
حضرت بمكتب العميد قبل المحاكمة والتقيت بالمحامين
*هي مساندة منك لنبيل القروي؟
هي مساندة للحريات لا للأفراد، أن يكون نبيل القروي هو ومن معه كأفراد مستهدفين فذلك مس من الحريات
*ما تراه اعتداء على الحريات هو عند آخرين مس بالمقدسات؟
غير صحيح، شاهدت الفيلم وهو  لا يمس المقدسات إطلاقا
*كيف تفسر الهيجان ضد فيلم برسيبوليس؟
أعتقد أن كثيرا من الهائجين لم يشاهدوا الفيلم أصلا، هو فيلم موجه للأطفال حين تتحدث عن الله  لطفل في الخامسة من عمره هل يمكن أن تمنع مخيلته من تصور الذات الإلهية؟ شنوة هذا؟ هذا فيلم  عرض سابقا في تونس ومرخص له  ونسخة منه في وكالة الجمهورية وأنا أستغرب كيف تقدم وكالة الجمهورية القضية؟" موش معقول" الحرية لا تتجزأ مادامت لا تمس من حرية الآخرين وكرامتهم
*ما تقييمك لأداء وزارة التعليم العالي أمام ما حدث ويحدث في كليات الآداب بمنوبة وسوسة والقيروان؟
بكل صراحة هناك تقصير، لا يمكن لأي وزارة أن تبقى متفرجة
*المنصف بن سالم قال إنه سيستقيل لو عاد الأمن الجامعي إلى الجامعة؟
عودة الأمن الجامعي المقصود بها وجود شرطة قارة ...أما أن يدخل مجرم يهدد بقتل الناس فهل نمنع دخول الشرطة لإيقافه ؟ لا أظن أن المنصف بن سالم يقصد عودة الأمن بهذا المعنى الإطلاقي  ...هناك تقصير، غير معقول أن ترهن مصير آلاف  الطلبة  أخذا بخاطر غرباء عن الجامعة يهددون بسنة بيضاء
*ولكنك تنسى حق طالبات منقبات في الدراسة وممارسة حريتهن في اللباس؟
بالعكس ، هذا منطق معكوس ومقلوب، كيف يقبل أن  يدخل أي شخص يرتدي نقابا ليجري امتحانا دون أن نعرف من يكون؟وفق أي منطق تتحدث؟


*أبرمت عدة اتفاقيات مع النقابات وقد صرح وزير المالية حسين الديماسي بأن وزارته ليست على علم بهذه الاتفاقات؟
معلوماته غالطة،  لم يتم إبرام أي اتفاق دون موافقة الحكومة ووزارة المالية والمراسلات في هذا الشأن موجودة في وزارة التربية
*هذه الاتفاقيات أهملت قطاع العملة والإداريين في الوزارة؟
موش صحيح ، المفاوضات الاجتماعية شملت  الجميع وهناك مفاوضات لم تكتمل  ستتواصل مع الوزير الحالي هناك تواصل بين الحكومة الانتقالية السابقة والحكومة الحالية في وزارة التربية
*هل ستترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة؟
من قال لك بأنه ستكون هناك انتخابات رئاسية
*كنت تؤكد على عدم  تجاوز الفترة الانتقالية المقررة بسنة؟
ولكن هناك جدل اليوم  حول  صيغة انتخاب الرئيس هل هو منتخب مباشرة من الشعب أو من البرلمان؟ ورأيي أنه في صورة انتخاب الرئيس من البرلمان  سيتم تكريس سلطة  الحزب المهيمن على البرلمان،  وهذا خطر على الديمقراطية
*ولكن النهضة الفائزة بانتخابات 23 أكتوبر تنازلت لحزب المؤتمر عن منصب الرئيس؟
النهضة لا تملك أغلبية تمكنها من التفرد بالحكم لذلك هي مضطرة للتحالف وتقديم تنازلات لحلفائها ...النظام البرلماني مضر ببلادنا ، في رأيي ما يصلح لتونس هو نظام رئاسي معدل  فيه توازن بين البرلمان كسلطة تشريعية والسلطة التنفيذية ...

*هل ستترشح في الانتخابات الرئاسية؟
" وقت نوصلو لغادي توة نشوفوا "
*لماذا تتحفظ على مستقبلك السياسي؟
هذه تخمينات وليس حديثا عن مستقبل، لكل حادث حديث لا يمكن أن تأخذ قرارات في الهواء...
*في ظل الحراك السياسي ورص الصفوف وتكوين الجبهات ألم يغازلك أحد؟
"الاتصالات مع الناس الكل موجودة" أنا أتحدث مع الجميع دون استثناء موقعي كشخص ثانوي في القضية،  ما يهمني هو مصلحة البلاد الآن الأمور غير واضحة
*وأين جرأة السياسي إن كنت تنتظر اتضاح الصورة؟
أنا أساهم في توضيح الصورة بمقترحاتي في المرحلة الراهنة
*ماهي رسالتك  للأطراف السياسية ؟
رسالتي أن للأطراف السياسية في الحكم وخارجه أن تحترم مكونات المجتمع المدني وأن لا  تحاول الهيمنة عليها ، لا ينبغي أن تكون  النقابات أو الجمعيات متذيلة لأحزاب  كما ينبغي  تحييد المساجد عن السياسة لأن ذلك مضر بالدين وبالسياسة  .
ثم إن  هذا التشتت مضر بالحياة السياسية  فمن غير المقبول  وجود عشرات الأحزاب ببرامج متشابهة وبتسميات متقاربة... لا بد من تغليب مصلحة البلاد والتخلص من الزعامات الفارغة "زعيم على شنوة؟" لا بد من بناء  تنظيمات قوية تكون سلطة مضادة (بالنسبة إلى المجتمع المدني والنقابات ) ومعارضة  بالنسبة إلى الأحزاب السياسية ...