mardi 17 septembre 2013

ماذا يحدث في الصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري ؟ وكيف حوّل مقرّه من تونس إلى سويسرا؟

علمت التونسية من مصادر عليمة من المنظمة الدولية للفرنكفونية (تأسست سنة 1970 ويرأسها الرئيس السينغالي السابق عبدو ضيوف) أنّ بعض الأطراف تسعى إلى تحويل وجهة الصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري نحو الجزائر استجابة لرغبة الوزيرة الفرنسية للفرنكفونية يمينة بن قيقي ، فيما تسعى أطراف إفريقية إلى جعل بوركينا فاسو حيث مهرجان الفسباكو  مقرا دائما للصندوق الذي لعبت تونس دورا مهما في بلورته، فقد انطلقت الفكرة حلما مشتركا  منتصف الستينات  بين الطاهر شريعة مؤسس أيام قرطاج السينمائية والسينمائي السينغالي صمبان عصمان  أحد آباء السينما الإفريقية ، وفي إطار حلمهما المشترك تم تأسيس الجامعة الإفريقية للسينمائيين سنة 1970، ومثل كثير من الأحلام الإفريقية ظل مشروع صندوق السينما والسمعي البصري مؤجل التنفيذ إلى أن بعثت فيه الروح من جديد ببادرة من المنظمة الدولية للفرنكفونية  التي مولت دراسة المشروع وقام رئيسها عبدو ضيوف بمراسلة كل رؤساء الدول الإفريقية لحثهم على مساندة بعث الصندوق، وفي مهرجان كان لسنة 2010 تم الإعلان بشكل رسمي عن المشروع  وقد ساهمت الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام في ذلك الوقت وخاصة نائب الرئيس ومنسق الجناح التونسي بمهرجان" كان " المنتج لطفي العيوني بشكل فعال في بلورة المشروع ، بل إن المنتج عبد العزيز بن ملوكة  قام-على نفقته الخاصة- خلال السنة ذاتها بدعوة سعاد حسين رئيسة مصلحة السينما بالمنظمة الدولية للفرنكفونية التي إلتقت بوزير الثقافة آنذاك رؤوف الباسطي لتكون تونس القاطرة التي تقود الصندوق الإفريقي،  كما قامت الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام بمراسلة وزير الثقافة مقترحة عليه توجيه الدعوة من طرف رئاسة الجمهورية لعبدو ضيوف رئيس المنظمة الدولية للفرنكفونية ، وبعد 14جانفي زارت سعاد حسين من جديد بلادنا بدعوة من المنتج ذاته –عبد العزيز بن ملوكة- وعلى نفقته الخاصة لتلتقي أحد مستشاري الرئيس المؤقت آنذاك فؤاد المبزع ضمانا لدعم الحكومة التونسية الجديدة  لمشروع الصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري، وفي مهرجان كان ماي2012 نظمت المنظمة الدولية للفرنكفونية لقاء للمهنيين ولوزراء الثقافة الأفارقة حول الصندوق، وقد بادر مهدي مبروك وزير الثقافة  التونسي بالإعلان عن ترحيب تونس باحتضان المقر الإداري للصندوق وهي دعوة لقيت ترحيبا واسعا  لدى  السينمائيين الأفارقة وقد كنّا شهودا على ذلك، وخلال أيام قرطاج السينمائية العام الماضي إنعقد الملتقى الدولي لتركيز الهيكل القانوني للصندوق بحضور وزير الثقافة التونسي الذي أكّد  إلتزام تونس السياسي بدعم هذا الصندوق الذي مثل حلما لأجيال من السينمائيين الأفارقة وأعلن عن تشكيل مجلس حكماء لتحديد التوجهات الكبرى للصندوق تزامنا مع وضع الأسس القانونية له بمشاركة خبراء دوليين وبرئاسة فريد بوغدير واسع العلاقات إفريقيا وداخل الدوائر الفرنسية المهتمة بالمسألة الفرنكفونية ، أما المخرج موسى توري راعي الصندوق- كما تم تقديمه آنذاك  فعبّر عن سعادته بأن يكون شاهدا على مولد هذا الصندوق وذكّر بأن معلّمه صمبان عصمان الشقيق الروحي للطاهر شريعة وشريكه في تأسيس أيام قرطاج السينمائية أوصاه بألا يغادر إفريقيا لأنها بيته وهو ما إلتزم به. ووجّه توري حديثه لوزير الثقافة التونسي  وممثلي منظمات اليونسكو والإتحاد الإفريقي بأن يسرعوا في بعث الصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري.


ومرت شهور طويلة دون أن يتسرب أي خبر عن مآل الصندوق وتردد في كواليس وزارة الثقافة أن مقر الصندوق سيكون في فضاء كازينو 


 قمرت الذي تمت مصادرته (كان على ملك بلحسن الطرابلسي) ، وفي عزّ الصيف (في غرغور القايلة بالعبارة التونسية الشعبية)  أياما قليلة قبل شهر رمضان وبعيدا عن وسائل الإعلام المهملة أصلا للسينما والمنشغلة بافتتاح موسم العرابن في المهرجانات الصيفية، التقى جمع من السينمائيين من تونس والجزائر وبوركينا فاسو والكنغو والسينغال وزمبابوي إلى جانب ممثلين عن المنظمة العالمية  للفرنكفونية  بتونس من 4إلى 8 جويلية الماضي وإنعقدت الجلسة العامة التأسيسية للصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري وانتخب فريد بوغدير رئيسا للصندوق ،  واختير السيد جون جيفاني في خطة كاتب عام للصندوق والسيدة اليماتا سالمبري الوزيرة البوركينية السابقة للثقافة آمين مال، وإتفق المجتمعون على ان يكون الإطار القانوني للصندوق جمعية دولية يتم تسجيلها بسويسرا على أن يكون مقر المستشار القانوني الذي وضعته المنظمة الدولية للفرنكفونية على ذمة  الصندوق هو المقر الاجتماعي للصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري بشكل مؤقت؟؟؟ وفضلا عن ترؤسه للصندوق، تم اختيار  فريد بوغدير للإشراف على فرع تونس فيما أسندت الكتابة العامة للطفي العيوني(المنسق السابق للجناح التونسي بمهرجان كان)  وأمانة المال  لمحمد شلوف مدير مهرجان إفريقيا المتوسط بهرقلة ، وقد منحت وزارة الثقافة مقرا مؤقتا لهذا الفرع في قصر العبدلية بضاحية المرسى، وتعهد مهدي مبروك وزير الثقافة  الذي حضر جزءا من أعمال هذه الجلسة التأسيسية   بتوفير كل المساعدة  الأدبية  واللوجستية  لتركيز هذا الفرع  وإنجاح عمله  على مختلف المستويات. وسيتولى فرع تونس الوحيد الفعلي إلى حد الآن  ضبط ميزانية الصندوق وبرامجه ،  كما تم اقتراح تركيز مكتب ثان في العاصمة السينغالية داكار،  واقترحت لجنة الخبراء التي تابعت مختلف مراحل تأسيس هذا الهيكل إحداث عدة مكاتب فرعية له في بعض الدول الإفريقية.
هذا وقد اتصلنا بالمنتج لطفي العيوني كاتب عام فرع تونس للصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري الذي سألناه عن سبب اختيار "الجمعية" إطارا قانونيا للصندوق ولماذا جينيف مقرا له، فأفادنا بأن للصندوق مستشارا قانونيا تونسيا(هو يوسف بن إبراهيم مدير الشؤون القانونية بوزارة الثقافة) فضلا عن المستشار القانوني السويسري الذي وضعته على ذمتنا المنظمة الدولية للفرنكفونية، وقد نصح المستشاران بأن ينتظم الصندوق في إطار قانوني هو الجمعية الدولية تيسيرا لعمله، وتم اختيار سويسرا مقرا مؤقتا  ضمانا لسهولة التحويلات البنكية وأيضا لأنه تم تسجيل الجمعية الدولية للصندوق في جينيف حيث مقر المستشار القانوني على أن يتم حسم موضوع بلد المقر في الجلسة العامة للصندوق التي ستنعقد بعد توفير الميزانية ، كما أفادنا العيوني بأن المنظمة الدولية للفرنكفونية وضعت على ذمة الصندوق مستشار اتصاليا لمدة عام (من جويلية 2013 إلى جويلية 2014) سيتولى الاتصال بالجهات التي يمكن أن تساهم في تمويل الصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري.
مصادر  مطلعة أفادتنا بأنّ عددا من الدول الإفريقية جنوب الصحراء لا ترحّب ببعث الجمعية الدولية للصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري،  وأن الجمعية السينمائية الوحيدة التي يعترف بها الإتحاد الإفريقي هي جامعة السينمائيين الأفارقة(الفيباسي)  التي يترأسها المخرج الشيخ عمر سيسوكو الذي تولى منصب وزير الثقافة بمالى ،  وقد إلتأم المؤتمر التاسع للجامعة في شهر ماي المنقضي بجوهانسبورغ(إفريقيا الجنوبية)  بمشاركة ممثلين عن 39 بلد ا أفريقيا  وعبرت كينيا عن رغبتها في تحويل مقر الجامعة إليها وعرضت تمويل أنشطتها ب4 مليون دولار ، وحضر فريد بوغدير المؤتمر بصفته الشخصية ، والواقع أن تونس  فقدت مكانتها ضمن جامعة السينمائيين الأفارقة منذ سنوات بعيدة بعد أن كانت إحدى الدول المؤسسة لها.
معطى آخر يحيط به جانب من الغموض وهو موقف المنظمة الدولية للفرنكفونية التي كانت تحمل لواء المشروع فقد تراجع دورها وإكتفت بدور العضو المؤسس وتلاشى دورها العملي بانسحاب أو إبعاد رئيسة مصلحة السينما سعاد حسين عن الصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري  لأسباب غير معلومة ، وفي ظل هذه التجاذبات ينشغل فريد بوغدير رئيس الصندوق بفيلمه الجديد الذي ستتولى إنتاجه شركة بروباغندا ، ويبدو أن انشغال سي فريد سيطول لأن إنجاز فيلم طويل في تونس يتطلب سنتين من التفرغ التام لإيجاد التمويل والإعداد للتصوير فتصوير الفيلم ومراحل ما بعد التصوير، والخوف كل الخوف أن ينهي بوغدير فيلمه ليكتشف أنه تم تحويل وجهة الصندوق وبسحب البساط مرة أخرى من تحت أقدام تونس في مبادرات كانت هي صاحبتها لتؤول القيادة إلى آخرين كانوا يتعلمون منا أبجديات العمل السينمائي والجمعياتي ...
فهل تتحرك وزارة الثقافة لحماية الصندوق الإفريقي للسينما والسمعي البصري والعمل على جعله نقطة جذب للسينما الإفريقية بالتزامن مع تفعيل المركز الوطني للسينما والصورة برئاسة عدنان خضر وحسن استثمار مخابر قمرت التي يديرها طارق بن عمار وهي مخابر قادرة على أن تكون وجهة السينمائيين الأفارقة المفضلة الذين ولوا وجوهم نحو المغرب منذ سنوات بفضل إستراتيجية ناجعة يقودها العقل المدبر للسينما المغربية نور الدين الصايل ، فهل من عاقل يستجيب؟


                                                   

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire