vendredi 27 septembre 2013

أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية العليا للحزب الجمهوري في حوار شامل للتونسية


يمثل أحمد نجيب الشابي بمفرده ذاكرة سياسية لأجيال من التونسيين، فالرجل فاعل في الساحة  السياسية منذ منتصف الستينات  ضمن تيار البعث ثم منظمة العامل التونسي مطلع السبعينات وكان له إسهام مركزي في التحولات الفكرية داخل هذا التنظيم .
عرف أحمد نجيب الشابي السجون والمنافي والإبعاد والإقامة الجبرية  زمن بورقيبة، فلم يكمل دراسته في الحقوق سوى سنة 1984 ولم يلتحق بالمحاماة إلا وهو في الأربعين من عمره،  وفي سنة 1983 أسس صحبة عدد من رفاقه التجمع الاشتراكي التقدمي مستفيدا من مناخ الانفتاح السياسي النسبي في السنوات الأولى من حكومة مزالي رغم خيبة انتخابات نوفمبر 1981 ولكنّ حزبه  لم يتحصّل على التأشيرة سوى سنة  بعد ارتقاء بن علي إلى سدة الحكم .
وبعد فترة "وئام" لم تدم طويلا مع النظام الجديد توّجت بإمضاء الميثاق الوطني وتأسيس المجلس الأعلى للميثاق الذي كان الشابي أبرز عناصره، إبتعد ضيفنا عن حاكم تونس الجديد الذي اختار سياسة تجفيف المنابع ضد الإسلاميين الذين وجدوا في أحمد نجيب الشابي خير مدافع عنهم لتنطلق  الجوقة من المتحوّلين في حملة تشويه مستمرة فأصبح نجيب الشابي "نجيب الله" (إحالة على الحاكم الشيوعي لأفغانستان بدعم من الإتحاد السوفياتي، سقطت حكومته سنة 1992 وأعدمته طالبان في 1996) ، وحدثت القطيعة بين نظام 7نوفمبر وأحمد نجيب الشابي منذ سنة 1991 لتتم محاصرة حزبه والجريدة الناطقة بإسمه (الموقف)
في 2001 أصبح التجمع الاشتراكي التقدمي، الحزب الديمقراطي التقدمي ، وفي 18 أكتوبر 2005 كان نجيب الشابي مهندس إضراب الجوع الشهير بمناسبة قمة مجتمع المعلومات ، إضراب تواصل شهرا كاملا ، وفي 25ديسمبر 2006 تنازل بمحض إرادته عن الأمانة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي لتخلفه مية الجريبي محافظا على مكانته في الحزب .
خاض أحمد نجيب الشابي معركة ضارية ضد خصم مباشر هو بن علي وبطانة قامت بما يلزم لتحول دون ترشحه الفعلي في أي انتخابات رئاسية وأغلقت دون حزبه أبواب مجلس النواب وقد كان الحزب الديمقراطي التقدمي في مقدمة مناصري أبناء سيدي بوزيد المتمردين على حكم بن علي بعد حادثة إحراق البوعزيزي لنفسه إذ عقد ندوة صحافية بمقره المركزي في 24 ديسمبر 2010 أعلن فيها الشابي سقوط "المعجزة الاقتصادية" التي كثيرا ما فاخر بها النظام وطالب بفك الحصار عن سيدي بوزيد والقيام بإصلاحات عميقة  بتشريك كفاءات وطنية من خارج دائرة الحكم الضيقة.
فاز أحمد نجيب الشابي في انتخابات 23 اكتوبر 2011 بعضوية المجلس الوطني التأسيسي ولكن حزبه مني بهزيمة "موجعة وغير متوقعة" ، ولكن المحامي رجل السياسة المتمرس واصل نشاطه معلنا عن تأسيس الحزب الجمهوري في أفريل 2012 الذي يترأس هيئته السياسية العليا .
اتخذ أحمد نجيب الشابي مواقف غير شعبية في وقتها ودفع ضريبتها، إذ لم يكن من المتحمسين لاعتصامي القصبة 1و2 كما لم يساند فكرة المجلس الوطني التأسيسي وقبل المشاركة في حكومة الغنوشي الثانية، وعارض قرار حلّ التجمع فطالته السهام من الخصوم والنيران الصديقة ولكنه لم يتراجع عن مواقفه ... التونسية حاورت الأستاذ أحمد نجيب الشابي في مكتبه بالمقر المركزي للحزب بأستوديو 38 بشارع الحبيب بورقيبة ساعات بعد الندوة الصحافية لحركة النهضة يوم الاثنين الماضي ...




*هل تابعت الندوة الصحفية لحركة النهضة؟
عن طريق الإذاعة فقط
*ما تعليقك على غياب راشد الغنوشي؟
لفت نظري غياب الأستاذ راشد الغنوشي ولكن لا يمكنني أن أقوم بأي تقييم في غياب المعلومات، غيابه ملحوظ في توقيت يبدو فيه أن حركة النهضة فيها أكثر من رأي وأكثر من موقف إزاء الوضع الذي تمرّ به البلاد
*أعلنت النهضة من خلال متحدثيها في الندوة الصحافية ليوم الإثنين 23 سبتمبر أنها تقبل بمبادرة الرباعية كأرضية لبداية الحوار ومعالجة الأزمة، هل يغيّر هذا الموقف شيئا من الوضع القائم؟
يبدو لي أن موقف حركة النهضة بغاية الوضوح ليس هذا، موقفها هو استكمال العمل التأسيسي للمجلس وتأجيل استقالة الحكومة إلى غاية انتهاء العمل التأسيسي  أي الإبقاء على الأزمة مفتوحة  وهذا وضع لا يمكن لتونس أن تتحمله
*هل فاجأك موقف النهضة؟
لا لم يفاجئني لأننا نتابع الأزمة لحظة  بلحظة منذ انطلاقها في  25 جويلية، مع كل الأسف أعتقد أن النهضة إما غير واعية بحقيقة الأزمة وعمقها وهي تتمثل في أزمة ثقة  لدى قطاع واسع من التوانسة في إدارتها للملف الأمني بشكل خاص ولشؤون البلاد بوجه عام  وبالتالي فهي لا ترى ضرورة في التوصل إلى تفاهم ينهي المرحلة الانتقالية في أحسن ظرف، يعني بضمان حياد الإدارة والأمن أو أن النهضة  تخشى من خروجها من الحكم ولذلك فهي تلجأ إلى المواقف المتصلبة
*ولكن أنصار النهضة يرون أنها قدّمت كثيرا من التنازلات كقبولها بنظام رئاسي معدّل وتخليها عن وزارات السيادة لفائدة وزراء محايدين، ماذا تطلبون منها أكثر  وقد إختارها الشعب في انتخابات حرة وشفافة ونزيهة؟
أولا الحكم لا يتملك بل هو كراء لمدة معلومة و"كرية" النهضة كانت لمدة عام انتهت في أكتوبر 2012،  والوكالة في الديمقراطيات دائما لأجل معلوم ومع كل الأسف رفضت النهضة منذ أكتوبر 2012 التفاهم مع المجتمع المدني والأحزاب السياسية حول طريقة إنهاء ما تبقى من المرحلة الانتقالية  وقاطعت المؤتمر الذي نظمه الإتحاد العام التونسي للشغل في 16 أكتوبر 2012 والوضع مازال مستمرا على الحال ذاته منذ ذلك الوقت، إذن الأفضل" ما نتكلموش" عن الشرعية الانتخابية لأنها منتهية، الموضوع هو كيف ننهي هذه المرحلة الإضافية وهذا التوقيت الإضافي من العملية الانتقالية؟ كيف ننهيها في أحسن الظروف ، صحيح أن النهضة أدركت أنه لا يمكن صياغة دستور دون توافقات وقدمت تنازلات  خلال الحوار الوطني بقصر الضيافة(قرطاج) وتلك التنازلات مكّنت من تسريع وضع  دستور للبلاد التونسية وقد سجلنا هذا الموقف ونوهنا به في وقته "موش اليوم باش ننكروه"، لكن  الإنتخابات لا تقتضي إطارا قانونيا فقط  بل تقتضي أيضا إطارا أمنيا وسياسيا " موش ممكن نمشيو" لإنتخابات بحكومة متحزبة، ولا يمكن أن نخوض إنتخابات تحت التهديد الذي يطال رجل السياسة كما يطال المواطن  من روابط حماية الثورة بالاعتداء على الاجتماعات العامة، أو تحت تهديد الإرهابيين والجريمة السياسية،  وكنا اقترحنا قبل اغتيال الشهيد محمد براهمي على حركة النهضة وعلى الترويكا ما سميته بهيئة سياسية للإشراف على ما تبقى من عملية الانتقال الديمقراطي، على أن تقوم هذه الهيئة بأخذ قرارات بالتوافق بمشاركة حركة النهضة، تكون ملزمة للحكومة حول القضايا الأمنية والقضايا التي تضمن حياد الإدارة في العملية الانتخابية،  وقد قبل رئيس الجمهورية هذا المقترح وعقد أكثر من مائدة إفطار خلال شهر رمضان ومن أسبوع إلى أسبوع  تاه المقترح  وتمت مماطلتنا حتى وقع اغتيال الشهيد محمد براهمي، وهو حدث  كان بمثابة الزلزال وجعل من هذه المقترحات لاغية  تجاوزها الزمن وحتّم تكوين حكومة توافقية تعيد الثقة والطمأنينة للتونسيين، حكومة  لها قدرة على التقدم بالبلاد إلى الموعد الانتخابي  في أقرب وقت في مناخ أمني وسياسي  معقول، هذا هو المطلوب من حركة النهضة ولكنها غير مستعدة لهذه الخطوة

*ما موقفكم من مبادرة الرئيس المرزوقي التي أطلقها في حواره مع الممثل الكوميدي رؤوف بن يغلان؟
الحقيقة أني لم أتابع هذا الحوار الذي لم تبثه التلفزة الوطنية باعتبارها مرفقا عاما وبثّ في تلفزة أخرى لا أعرف حتى اسمها
*ما تعليقك على اختيار المرزوقي تقديم حوارات مع غير الصحفيين مرة  أولى مع عياض بن عاشور وثانية مع رؤوف بن يغلان؟
اعتقد أنّه أسلوب غير موفق
*خلال حواره مع بن يغلان قال الرئيس المؤقت إن الحكومة لم تفشل واقترح تنظيم انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر بعد الانتهاء من الدستور وتشكيل هيئة الانتخابات وتحديد موعد نهائي للانتخابات؟
تبدو لي هذه الأجندا غير واقعية لأنه من المتعارف عليه الآن أنّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد تشكلها تحتاج على الأقل لستة أشهر لتنظيم انتخابات تتوفر فيها المعايير الدولية ، والآن بعد قرار المحكمة الإدارية إبطال أعمال لجنة فرز الترشح للهيئة، المسألة ستأخذ أكثر من هذا بكثير  فقد يحتاج الأمر في أحسن الحالات إلى شهرين لتشكيل الهيئة أضف إليها ستة أشهر أخرى ، فما يقترحه الرئيس المؤقت" موش ممكن يصير" بانسحاب النواب لأنه لا يمكن تشكيل الهيئة إلا بثلاثة أرباع نواب المجلس  والحال أننا الآن العملية السياسية معطلة والحديث عن ستة أشهر يبدو لي غير واقعي بالمرّة
*هناك من يدعو إلى إحياء هيئة كمال الجندوبي فما رأيكم؟
أنا شخصيا لا أوافق على هذا الاقتراح، كمال الجندوبي  في العموم قام بالمهمة وهو مشكور ولكن كانت له تصرفات أثارت خلافات بيننا وبينه، وأذكر من ذلك قراره الأحادي تأخير موعد الإنتتخابات من 24جويلية إلى 23 أكتوبر2011 دون استشارة أحد وهو تصرف إنفرادي لم نوافق عليه،  كما أنه تدخل في  تنظيم الحملة الانتخابية قبل بدايتها  وهو تصرف رأينا انه غير قانوني وأثار بيننا وبينه  قضايا عدلية، رغم كل هذا هو قام بالمهمة كما يجب  إجمالا، ولكنّ سنّة الحياة هي التداول
* تتمسك النهضة بموقفها والإتحاد العام التونسي للشغل  يهدد بالتصعيد بمسيرات قطاعية وجهوية تنتهي بمسيرة وطنية كبرى، ما موقفكم مما يجري خاصة وأنك فاعل في الحياة السياسية منذ أربعين عاما؟
للتصحيح منذ سنة 1964 أي منذ خمسين عاما تقريبا، أنا طيلة الفترة الماضية حاولت الوصول إلى توافقات للخروج من هذه الأزمة وقدمت خارطة طريق مشابهة إلى حدّ كبير  لمبادرة الإتحاد العام التونسي للشغل وكنت أتصور أن حركة النهضة سيستقر قرارها على تبني هذه الخارطة أو شيء مشابه لها  يخرجنا من الأزمة، ولكن الواضح الآن أن جناحا متصلبا داخل حركة النهضة يمسك بالجهاز الحكومي  اليوم بعيد عن الوصول إلى تفاهم مع القوى السياسية والاجتماعية التي تقف في المعارضة وأعني المنظمات الراعية للمبادرة(إتحاد الشغل، إتحاد الصناعة والتجارة، رابطة حقوق الإنسان، الهيئة الوطنية للمحامين)  وكامل الطيف السياسي باستثناء الترويكا ، من الواضح الآن أن الجناح الذي يسيطر على النهضة وعلى القرار فيها متصلب وأمام هذا التصلب "ما ثمة حتى جواب آخر" إلا التصعيد عن طريق الإضرابات والمسيرات الدوّارة التي قررها الإتحاد العام التونسي للشغل بداية من هذا الأسبوع
*تساندون هذه الإضرابات والمسيرات؟
نساندها وسنشارك فيها  لأنه في وجه التصلب والإنغلاق  لا حلّ إلا الضغط بالوسائل السلمية والشعبية  علّ النهضة تأتي إلى كلمة سواء بينها  وبين باقي المجتمع التونسي لكن أنا  أخشى أن ديناميكية التصلب والتصعيد  ربما تجرنا دون أن ندرك أو  أن نريد ذلك إلى المواجهة ولذا ففي مواجهة التصلب والانغلاق  المطلق فإن  الجناح المسيطر على حركة  النهضة و جهاز الحكم يتحمل بمفرده مسؤولية ما قد يحدث
*هل تؤكد أن راشد الغنوشي خلافا للفكرة الرائجة ليس هو الحاكم الفعلي في حركة النهضة؟
 أنا لا أعرف ما يدور داخل حركة النهضة، كل ما أقوله انه من خلال الحوارات  التي كانت لي مع راشد الغنوشي شعرت بإمكانية  الوصول إلى مخرج ولكن في كل مرة موقف حركة النهضة كان مغايرا،  يمكنني أن أستنتج أن المناخ المهيمن داخل حركة النهضة غير موات للحلول  الوسطية  لكني لا اعلم ماذا يجري داخل البيت ولا يمكنني ان أتحدث عمّا لا علم لي به
*جرّبتم كل وسائل التصعيد، الإعتصامات والمسيرات وحتى الإضراب العام ولم يتغير شيء، معارضة عاجزة أمام صمود النهضة؟
هذا كله خطأ الجناح المتصلب داخل حركة النهضة، لأن الوضع في تونس ليس الوضع في مصر، والجيش التونسي جيش محايد وسيبقى محايدا ولكن تصلب مرسي(الرئيس المصري المعزول) مهّد للأحداث الدرامية التي تجري في مصر والتي لا نتمناها لتونس  وليعلم هؤلاء المتصلّبون أن نفس الأسباب تؤدي إلى نفس النتائج  فالتصلب الذي تبديه الحكومة اليوم والجناح المهيمن على النهضة  قد يؤدي إلى ذات النتائج  التي أدى إليها تصلب مرسي في مصر، ويعلم التونسيون أني ضد الانقلاب الذي حدث في مصر وكنت أعلنت موقفي دون تردد في المجلس الوطني التأسيسي  وتعلمون أني مع احترام صندوق الاقتراع  والنتائج التي يفرزها ولكني لم أبرئ مرسي من المسؤولية السياسية لما آلت إليه الأوضاع في مصر بسبب تصلبه وانغلاقه ورفضه لأي تفاهم مع باقي الأطراف السياسية
انا أتمنى ان تتعظ الأطراف السياسية عندنا بما جرى في مصر حتى لا ندفع بتونس إلى ذات المآل،  بطريقة أخرى" موش ممكن نشعّلو النار ونقولوا الدخان منين"  وكلامي موجه إلى الجناح المتصلب في النهضة والممسك بالحكومة لأن التصلب لا يؤدي إلا إلى التصعيد وثنائية التصلب والتصعيد قد تفضي إلى مواجهة غير معلومة النتائج وستكون عواقبها وخيمة على تونس وسيدفع التونسيون الذين ضحوا من اجل الثورة ثمنا غاليا لا نرتضيه
*ما موقفكم من تصريح الباجي قائد السبسي بأن عيب مبادرة الإتحاد أنها غفلت عن الرئيس المؤقت وبأن المرزوقي إن رحل فلن يبكي عليه أحد؟
لا أعلم إن كان أحد سيبكي على المرزوقي أو لا إن غادر قصر قرطاج، ليست هذه قضيتي، أنا أقول إن الأزمة في القصبة وليست في قرطاج، لأن السلطة الحقيقية بين يدي رئيس الحكومة ولا يملك  الرئيس المؤقتة من السلطة سوى النزر اليسير،  والأزمة القائمة في قصر باردو تابعة لأزمة القصبة ولذلك أعتقد أن من يريد البحث عن حلّ لهذه الأزمة  عليه أن يعي أن الأزمة عنوانها هو قصر الحكومة بالقصبة لا قصر الرئاسة بقرطاج  وأي حديث عن قرطاج سابق لأوانه  وفي تقديري الوصول إلى قصر قرطاج لا يكون إلا عبر صندوق الاقتراع
*هل يمكن أن يكون الباجي قائد السبسي رئيسا جزء من الحلّ؟
لو كنت أعتقد أن الأزمة في قرطاج لأجبتك نعم، لا أثر ولا تأثير لمن يكتري قصر قرطاج  على الأزمة في تونس التي يوجد حلها في القصبة باستقالة هذه الحكومة وتشكيل حكومة توافقية مستثقلة  توحّد بين التونسيين وتعيد إليهم الطمأنينة  وتقود البلاد إلى برّ الأمان في أقرب الأوقات، قرطاج خارج مدار الأزمة لأنه جرد من كل الصلاحيات وإثارة قضية ساكن قرطاج الآن لا يفيد في شيء حل الأزمة التي تعيشها تونس

*تعددت اتصالات قيادات الأحزاب التونسية بسفراء الدول الأجنبية فهل يؤشر ذلك لتدويل الأزمة السياسية في بلادنا؟
أنا أعتقد بأن الأزمة تونسية  وحلها لا يمكن أن يكون إلا تونسيا ويجب أن يظل تونسيا،  من خلال الاتصالات بالأوروبيين، وبالأمريكان وهم  يتداولون يوميا على المسؤولين السياسيين في الحكم والمعارضة، قبل قليل كان في ضيافتي سفيرة اليونان ببلادنا جاءت تستجلي الوضع، الأوروبيون  بوجه خاص يشعرون بقلق شديد ويحثون الفرقاء السياسيين على التفاهم في ما بينهم ولم أشعر شخصيا من طرفهم بأي تدخل في الشأن الوطني ولو بالإيحاء
*هل يمارسون ضغوطا على الحكومة؟
هم لا يمارسون ضغوطا على الحكومة لكن يقولون إذا لم تتوافق الأطراف على حل للأزمة فإن العلاقات بيننا وبين دولهم لا يمكن أن تظل عل الحال نفسه في مناخ من الغموض وضبابية الموقف
*هل التقيتم السفير الجزائري في تونس؟
طبعا التقيت به  واليوم (الإثنين) إلتقيت أيضا السفير المغربي
*ماذا عن هذين اللقاءين؟
هما يمثلان دولتين شقيقتين لا تكنان لتونس سوى المحبة وككل المراقبين عبّر سفيرا الجزائر والمغرب عن قلقهما على مستقبل تونس في صورة عدم التوصل إلى حل سياسي في أقرب الأوقات
*هل يمكن للجزائر أن يكون لها دور سياسي في تونس في هذه المرحلة؟
أنا أعتقد أنه ليس لأي دولة شقيقة أو صديقة أي دور في بلادنا
*حتى لو كانت الجزائر الشقيقة الكبرى؟
ليس لأي دولة صديقة أو شقيقة أن يكون لها دور في حل الأزمة السياسية التي تعيشها بلادنا منذ 25 جويلية الماضي،  لو يتم تدويل الأزمة التونسية سيفلت القرار من التونسيين وسنفرط في أكبر مكسب ورثناه عن الجيل الذي سبقنا وهو الاستقلال الوطني ،  فاستقلال البلاد لم ننله إلا عبر عقود من النضال فهو أمانة بين أيدينا علينا أن نحافظ عليه  للأجيال القادمة فتدخّل أي طرف في الشأن التونسي الداخلي غير مقبول وأنا أنزه الإخوة الجزائريين من أي رغبة في التدخل في الشأن التونسي، أمّا أن يكون الوضع في تونس مصدر قلق للجزائر فهذا مفهوم لأن أمن الجزائر من أمن تونس  ومصيرنا واحد،  أن نتبادل الرأي بين الدولتين " ما فيه حتى مشكل " أما أن  يصبح القرار خارج الإطار التونسي  فهذا شيء مرفوض
*هل هناك تواصل بينك وبين السيد علي العريض رئيس الحكومة؟
لا، آخر لقاء بيني وبين السيد علي العريض كان خلال آخر مأدبة عشاء في قصر قرطاج خلال شهر رمضان قبل اغتيال الشهيد محمد براهمي
*هل أفهم من ردك أن علاقتكما باردة؟
يمكن القول ليس فيها الحرارة المطلوبة
*قبل شهور  عارضت حلّ التجمع خلافا للرأي السائد، واليوم يعود الدساترة والتجمعيون من كل الأبواب والمنافذ، ألا تشعر ببعض الغبن لأنك لم توف حقك؟
لا أشعر بأي غبن كان ، أنا قبل الثورة كنت أدرك أن التجمعيين لم يكونوا يمارسون السلطة بل كانوا مجرد أداة من أدوات السلطة، وكنا نطلق عليهم في المعارضة تسمية حزب الحكم وليس الحزب الحاكم،  وفي شهر نوفمبر 2010 على الجزيرة مباشر توجهت بنداء إلى الدستوريين كي يساهموا في التغيير من مواقعهم،  كان ذلك تحديا كبيرا في ذلك الوقت لرئيس التجمع الذي هو رئيس الدولة، كنت أدرك منذ ذلك الوقت ان الدستوريين وإن كانوا جزءا من النظام السياسي الذي مارس الاضطهاد  على الشعب التونسي  طيلة خمسين سنة فإنهم كانوا حملة مشروع تحديثي  للبلاد  وساهموا في بناء الدولة الوطنية الحديثة  وإصلاح المجتمع وتحرير المرأة ونشر التعليم والصحة فبالرغم من الرصيد السلبي في محال الحريات فإن دورهم في تنمية البلاد وتحريرها يمنحهم فرصة إذا ما أصلحوا علاقتهم بالمجتمع  أن يكون لهم إطار للوجود ومشروعية وبالتالي حين طرحت علي تسوية تاريخية بالدخول في حكومة جزء منها من تكنوقراط النظام السابق من أجل وضع تونس على سكة الانتقال الديمقراطي قبلت ذلك ولست نادما على ذلك لأننا نحن من وضع المسار السياسي الحالي على السكة في حكومة السيد محمد الغنوشي ولذلك منذ ذلك الوقت كنت أرى أنه يجب أن تتم محاسبة القادة التجمعيين على أعمالهم ومسؤولياتهم الشخصية  لا أن تقع تصفية حزب هو جزء من التراث التونسي اليوم العقليات تتطور،  والدستوريون والتجمعيون يعودون في أشكال متعددة
*هل ترحّب بعودتهم؟
أنا لي علاقات طيبة مع السيد كمال مرجان ولي علاقات جيدة مع السيد حامد القروي الذي زرته لأهنئه بالمبادرة التي قام بها

*أنت الوحيد الذي زرته في بيته مهنئا؟
يمكن...يمكن
*الدكتور حامد القروي لا يتحدث عنك سوى في سياقات إيجابية؟
"بارك الله فيه (يضحك وتبدو على وجهه علامات الرضى) كل واحد تذكرو أعمالو "
*يرى الدكتور القروي ان من أخطاء بن علي أنه لم يفتح المجال للتعامل معك والاستفادة منك وحزبك؟
بارك الله فيه على هذه الشهادة،(مبتسما)  أظن أن بن علي الآن يشاطر سي حامد هذا الرأي
*أليست هذه الشهادة متأخرة من الدكتور حامد القروي؟
 لا ، لا...  حامد القروي لم يكن رمزا من رموز الاضطهاد، بالعكس، قام بدور من القصبة، وأنت تعلم أن السلطة كانت في قرطاج في ذلك الوقت .
وأذكركم بأنه حين نظمت جمعية الفكر البورقيبي ذلك الاجتماع في مارس 2011 كنت من القلائل من الديمقراطيين الذين حضروا الاجتماع(كان انطلاقة نداء تونس) وأخذت الكلمة وأيدت الجمعية وذلك النشاط،  انا تونسي والديمقراطية لا يمكن أن تكون إلا جامعة لكل التونسيين،  لا يمكن أن  تقوم على الإقصاء
*كيف تريد للتونسيين أن يقبلوا عودة محمد الغرياني وعبد الرحيم الزواري وعبد الله القلال... وكأن شيئا لم يكن؟
بقطع النظر عن الأشخاص أنا أتفق معك في نقطة، إذا كان لرجال العهد السابق مسؤوليات  شخصية في الاستيلاء على المال العام أو الخاص أو الاعتداء على الأعراض  او انتهاك الحريات أو التعذيب أو القتل فلا بد من المحاسبة
*هؤلاء متهمون بما هو أخطر وهو إفساد الحياة السياسية طيلة عقدين؟
إفساد الحياة السياسية كلمة عامة يجب أن تكون فيها مسؤوليات ينظمها القانون في إطار ما يسمى بالعدالة الانتقالية  ولكن كيف يمكن لمئات الآلاف من الفلاحين والموظفين ومختلف المهن الذين انخرطوا في الحزب الحاكم إما عن قناعة أو خوف أو طمع دون أن يتورطوا في ما يمكن ان يؤسس لمساءلة شخصية  أليس الوقت لطي الصفحة ونقول تونس للجميع؟   لنتذكر مانديلا، أول قرار  إتخذه بعد أكثر من ربع قرن من السجن الإنفرادي،  هو طي صفحة الماضي رغم الدماء التي سالت بين البيض والسود،  ونبينا صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة، ألم يعط الأمان لأهل مكة من الكفار ولمن قاتله  بقوله صلى الله عليه وسلم"من دخل بيت أبي سفيان فهو آمن"
*من هو أبو سفيان في الحالة التونسية؟
أنا أقول إن هناك مشروعا جديدا هو تونس الديمقراطية  وهي قادرة على احتضان جميع التونسيين  وتعمل على تحقيق طموحاتهم لأن الثورة لم تقم كردة فعل على الاضطهاد فقط بل جاءت تعبر عن طموحات وأحلام ، يجب ان نحقق هذه الأحلام في مناخ من الاستقرار والتحابب وهذا لا يعني غض الطرف عن الجرائم ومحاسبة مقترفيها ...

*ما موقفكم من تدويل قضية إغتيال شكري بلعيد ومحمد براهمي والتقاضي بشأنهما في باريس كما صرح بذلك الطيب العقيلي(شقيق سمير الطيب) عضو المبادرة الوطنية من أجل كشف الحقيقة؟
"شوف" حقيقة لم أطلع على هذا الخبر الذي أعلمتني به و لا أعلّق عما قاله سي الطيب موقفي أن التدويل يكون عندما تستنفذ كل الوسائل الداخلية، وأعتقد أن استغلال أحداث أليمة لغايات سياسوية أمر غير مقبول، من الضروي اليوم أن يتمّ   التحقيق بشكل مستقل وواضح فيما جرى في إغتيال الشهيدين بلعيد وبراهمي، التحقيق بهذا الشكل  ضرورة أخلاقية إذ  لا يمكن أن نستبيح الدم، وهو ضرورة سياسية إذ لا يمكن الوثوق مستقبلا  بجهاز الأمن وبالحكومة دون معرفة الحقيقة، من الناحية السياسية إذا  كانت الحكومة على علم بالوثيقة التي تم تسريبها مؤخرا(المخابرات الأمريكية حذرت من إمكانية إغتيال البراهمي قبل وقوع حادث الإغتيال) فعليها أن تستقيل وإذا لم تكن على علم مسبق بها فعليها أن نستقيل أيضا،  المسؤولية السياسية كبرى أما تحديد المسؤوليات الشخصية ودرجتها وخطورتها وما يترتب عنها  فيعود إلى التحقيق الذي لا بد أن تقوم به هيئة مستقلة تحوز على ثقة الجميع وتأخذ الوقت الكافي لتحدد المسؤوليات الشخصية عن التقصير. نحن نريد الحقيقة حول إغتيال الشهيد محمد براهمي، و نريد أن ينال كل من تورط في هذه الجريمة العقاب اللازم وفي انتظار ذلك لا بد أن تستقيل الحكومة لأنّ المسؤولية السياسية شيء والمسؤولية الجزائية شيء آخر
*أيهما أكثر استعجالا، التحقيق في أسباب عدم  التعامل بجدية مع التحذير الأمريكي من إمكانية إغتيال البراهمي أو معرفة من سرّب الوثيقة لوسائل الإعلام؟
(يتوثب قبل الإجابة ويغيّر جلسته ) أنا أستنكر هذا السؤال، وكما قال أحدهم أشكر من سرّب هذه الوثيقة، التستر على الجريمة وعدم إعلام الشعب والرأي العامّ بحقيقة ما حدث  جريمة أيضا ، فبارك الله في من سرّب هذه الوثيقة  وقام بهذا العمل الوطني
*وزير الداخلية حمّل مسؤولية تسريب الوثيقة للأمن الموازي؟
أنا لا أعرف من سرّبها ولا أستبعد أن تستعمل كأداة لتعكير الأوضاع  ولكن بقطع النظر عن النوايا فقد وقع ما وقع، الآن وقد علمنا أن وزارة الداخلية  والحكومة كانتا تعلمان بوجود مخطط إرهابي لاغتيال الشهيد محمد براهمي  خمسة عشر يوما قبل الاغتيال، لم يعد لهذه الحكومة أي مبرر للبقاء، لا أخلاقي ولا سياسي ، عليها أن تعجّل بإخلاء المكان لحكومة توافقية تقوم بالمهام بجدارة أكبر ويتمّ التحقيق لمعرفة الحقيقة واستخلاص النتائج فالهدف من التحقيق ليس التشفي أو الانتقام أو الظلم بل معرفة الحقيقة  ولا شيء غير الحقيقة دون أي توظيف سياسي
*هل يخشى أحمد نجيب الشابي على حياته؟
أنا أعيش تحت حماية أمنية مشددة منذ أشهر، أحيانا تبلغ تلك الحراسة أعدادا مخيفة مما يجعلني أستنتج أن الخطر على حياتي قد تضاعف وأحيانا أخرى يتم تخفيف أعداد الأعوان ، لكنني في كل الحالات تحت حراسة مشددة، أعتقد أنه مثلي مثل العديد من الوجوه السياسية في تونس  معرّض للإغتيال ، ووسط ذلك كله أنا إنسان مؤمن بالله  وأقول لكم إني على  استعداد لمواجهة كل المخاطر وأتقبل ما سيكتبه الله لي وليس دمي بأغلى من دماء شكري بلعيد ومحمد براهمي ومئات الشهداء الذين وهبوا حياتهم من أجل تونس من  اجل استقلالها وحرية شعبها ... أتمنى إن متّ تكون بلادي موحدة القلوب تواجه المجرمين بالنجاعة المطلوبة، لا أريد لموتي أن يؤجج الأزمة في بلد  ينقسم أبناؤه
إن قدّر الله لي أن أموت وكل نفس ذائقة الموت ، في كلمة، الحكومة التي نطلب تشكيلها والتي سيكون فيها وزير داخلية مقتدر والذي نتمنى أن يكون من أهل البيت(أي من أبناء وزارة الداخلية نفسها) وان يكون وطنيا منصرفا بالكامل لخدمة الصالح العام، هذه الحكومة لن توقف بالضرورة الجريمة السياسية  لكن إذا ما وقعت الجريمة فإن  المجتمع التونسي سيمتص الصدمة مثلما تفعل المجتمعات الديمقراطية التي لها ثقة في حكوماتها ، فالأزمة الحقيقية اليوم هي أزمة ثقة ، نريد أن نواجه التضحيات القادمة ونحن واثقون من أن حكومتنا فعلت أقصى ما بوسعها  لحمايتنا
*جرت اليوم محاكمة نصر الدين السهيلي(أفرج عنه لاحقا) في قضية اعتدائه على وزير الثقافة مهدي مبروك بالبيض، ما موقفكم من هذه القضية؟
والله ...المهدي مبروك كان عضو مكتب سياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي  لسنوات طويلة وأعرف هذا الشخص،  وكنت أظن وما زلت أتمنى أن له من رحابة الصدر وسعة الثقافة بأنه لا يتتبع شخصا ألقى عليه بيضة، لو ألقى عليه حجرا أو شيئا آخر ينال من سلامته الجسدية- لو حدث هذا لا قدر الله- لكنت معه في تتبعه،  لكن والحال أن نصر الدين السهيلي  لجأ إلى وسيلة احتجاج معروفة ومتداولة في العالم بأسره ، أن يقف المهدي مبروك وراء تتبع شاب ألقى عليه ببيضة فأنا أستهجن ذلك  ولا أصدّقه وأتمنى أن أرى المهدي مبروك يسحب القضية التي أثارها
*اعذرني في السؤال لو تعرضت أنت للإعتداء بالبيض هل كنت تقول هذا الكلام؟
المفروض أن أقول نفس هذا الكلام
*ما موقفكم من التغييرات التي قام بها الرئيس المؤقت على رأس قيادة المؤسسة العسكرية؟
ليس لي المعلومات الكافية لكن ما توفر لدينا من معطيات يجعلني أقول لكم إنها حركة عادية وليس لي شكوك حولها


*هل هناك تواصل بينكم والفريق أول متقاعد رشيد عمار؟
لا ، ليس بيننا تواصل ولم تكن بيننا  صداقة شخصية، عرفته خلال وجودي في حكومة السيد محمد الغنوشي وجمعتني به  علاقة طيبة
*ما موقفكم مما تردد حول مشاركة فتيات تونسيات في جهاد النكاح في سوريا؟
والله هذه فضيحة لم نكن نتخيلها كمعطى من الثقافة الإسلامية التي تربينا عليها، أستنكر هذه الظاهرة وأدين من يشجع عليها تحت أي شعار كان
*ما تفسيركم لسلسلة الاستقالات في الحزب الجمهوري وآخرها استقالة ناجي جلول الذي صرح بأنه اكتشف بأن الحزب الجمهوري غير قادر على التجميع؟
(يحافظ على نبرة حديثه الهادئة) للمستقيل أن يقول ما يريد، كل ما أعلمه أن السيد ناجي جلول قدم ترشحه يوم 8سبتمبر لعضوية المكتب التنفيذي وجرت الانتخابات في ظرف وجيز ومن خلال صندوق شفاف
*والعملية الإنتخابية؟
الصندوق شفاف والعملية الانتخابية أكثر شفافية بمشاركة 54  وحسب الوثيقة التي بين يديّ نال السيد ناجي جلول 17 صوتا ، وعلى الرغم من المرارة التي يمكن للمرء أن يشعر بها فإنه كان علينا أن نخضع جميعنا لنتيجة الصندوق لكن ما راعني إلا وهو يعلن انسحابه وهذه ليست أول مرة ينسحب فيها أناس من الجمهوري بسبب اعتمادنا انتخابات شفافة  لتشكيل القيادة  
*كل استطلاعات الرأي تجعل الحزب الجمهوري وأحمد نجيب الشابي في مراتب متأخرة في صورة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، فما سر هذا التراجع؟
أولا ما تورده استطلاعات الرأي لا يضعنا في مراتب متأخرة، فالحزب الجمهوري في المرتبة الرابعة من كل الأحزاب الموجودة في كل الاستطلاعات(نداء تونس، النهضة، الجبهة الشعبية ثم الجمهوري)  وإذا اعتبرنا الجبهة الشعبية تكتلا لأحد عشر حزبا فمرتبة الجمهوري هي الثالثة ، أما أحمد نجيب الشابي  فيأتي في المرتبة الرابعة أو الخامسة في استطلاعات الرأي من حيث من يفكر فيه التونسيون  بشكل تلقائي كمرشح للرئاسة ولئن كنا لا نرضى لأنفسنا هذه الأرقام  التي تسند إلينا فإن وضعنا ليس بالكارثي،  ثانيا استطلاعات الرأي في تونس ليست كلها صحيحة،  ثالثا استطلاعات الرأي في كل دول العالم قبل شهرين من الانتخابات لا معنى لها  وعموما نحن نعتمد نتائج هذه الاستطلاعات كمؤشرات تحفزنا على مزيد من الجهد وحين يأتي موعد الانتخابات  ونقدم مرشحينا للتشريعية والرئاسية سنرى ما هو موقف التونسيين، والحقيقة أني لا أنظر بتشاؤم إلى المستقبل
*هل مازال أحمد نجيب الشابي معنيا بالترشح للرئاسة؟
(يضحك)  نجيب الشابي هو مرشح الجميع في ما يبدو، من الأصدقاء وغيرهم، كل الناس يطرحون هذا السؤال وأظنّ من الطبيعي أن أكون من بين الشخصيات المعنية بالترشح للرئاسة  ، على الأقل هذا ما تبرزه استطلاعات الرأي فهناك جانب من التونسيين يرون فيّ مرشحهم ولكني  شخصيا لم أتخذ قراري بعد كما أن الجمهوري لم ينظر في الموضوع ليحدد مرشحه، وفي كل الحالات عندما نتجاوز هذه الأزمة ويصبح الاستحقاق الانتخابي واردا سننظر في الأمر ونأخذ القرارات المناسبة أما الآن فلا مجال في تقديري للحديث عن هذا المرشح أو ذاك لأن الأولوية المطلقة لتحقيق التوافق للخروج من هذه الأزمة التي بدأت تطول
*ما الذي تنتظره من مشاركة المنصف المرزوقي في  الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة خاصة وأنه هو صاحب مبادرة المحكمة الدستورية الدولية؟
كنت أتمنى أن يبقى في تونس في هذه الأيام الصعبة خاصة وان سفره سيستغرق خمسة أيام ولكن هو يدرك أكثر مني ما عليه أن يفعل
*ما موقفكم من زواج المال بالسياسة بالإعلام(العياشي العجرودي، سليم الرياحي، نبيل القروي، العربي نصرة) ؟ ألا يفسد  الحياة السياسية؟
بقطع النظر عن الأسماء التي ذكرتها ، لا شك بأن دخول المال للحياة السياسية بهذا الحجم  مدعاة  للقلق وأعتقد انه من جملة  المسائل التي ينبغي أن تعالج قبل الانتخابات القادمة  هو تقنين العلاقة بين وسائل الإعلام والمال السياسي حتى تجري الانتخابات في مناخ سليم وتتوفر الحظوظ نفسها  لمختلف المشاركين


*هل مازلت على تواصل بنبيل القروي مدير عام نسمة؟
أنا شخصيا لا أفسد علاقاتي، وعلاقتي بنبيل القروي وبتلفزيون نسمة طيبة على أساس أنها علاقة بين فاعل سياسي ومؤسسة مهنية محترمة، لا أكثر ولا اقل
*في ظرف اقل من سنة شن الصحافيون من خلال النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إضرابين عامين فهل لديكم مخاوف على حرية الإعلام في تونس؟
بالعكس أنا مطمئن لمستقبل الإعلام في تونس لا بفضل موقف الحكومة القائمة التي تلاحق الصحفيين بشكل فظّ،  بل بفضل هذه اللّحمة التي تميز الجسم الصحفي  وفي نفس الوقت في ما يحيط به من  تعاطف فعال من قبل المجتمع المدني  والقوى السياسية الديمقراطية  للدفاع عن حرية التعبير وحرية الصحافة،  بالنسبة إلي وأقولها لكم بكامل الصدق حرية الصحافة  بمثابة نور العينين ، دونه نعود إلى ذلك الظلام الدامس الذي عانينا منه طويلا قبل 14 جانفي و  أكبر إنجاز للثورة هو حرية الإعلام وحرية التنظم وحرية التعبير
*هذا إن لم تتدخل روابط حماية الثورة؟
فعلا، ولذلك نطالب بتنقية المناخ السياسي من العنف لأنه لا يمكن الحديث عن حياة سياسية وممارسة ديمقراطية في ظل مناخ من الخوف والترهيب والتهديد بالتصفية والجريمة السياسية ، وأنا أعتبر أن ما يقوم به الصحافيون في الإعلام المرئي والسمعي والصحافة المكتوبة  والمنشطون أيضا ممن يغفل كثيرون عن دورهم  حقيقة هو عمل جبار وأنتم بناة لصرح الديمقراطية في تونس ، واعتقد أن الإعلام بين أياديكم هو بين أياد أمينة وأشدّ عليها، وأنا ممن مارس النضال من اجل حرية الإعلام طيلة حياتي فموقفي هو تعبير عن شعور بالافتخار والاعتزاز كتونسي بالصحافيين التونسيين ...
*أين هي جريدة الموقف(لسان الحزب الديمقراطي التقدمي سنوات الجمر قبل أن تحتجب بعد الثورة)؟
بفضل الانفجار الاتصالي الذي نحن عليه الآن، تبارك الله في الانترنت يمكن الإطلاع على كل ما تريد في  الصحافة المكتوبة  و في التلفزيونات والإذاعات تنتقل من محطة إلى أخرى، في مثل هذا الانفجار الإعلامي جريدة من نوع "الموقف" التي كانت تحمل الخبر الصحيح والرأي الحر كثرت عليها المزاحمة ، لذلك خيّرنا أن نتوقف في انتظار اتضاح مجالها كجريدة رأي ربما من نوع الأسبوعيات في أوروبا وأمريكا مثل Times و Le Point و Nouvel Observateur و Newsweek ما لم يستقر المشهد الاتصالي ويتضح أن هناك مجال لصحيفة تتناول الأحداث بالتحليل والرأي وتكون في مستوى أن يؤمها القراء فربما كان الانتظار أفضل من المجازفة بإمكانيات مالية وجهد  بشري ربما نقتصده ونصرفه في مجالات أخرى
*قرار إيقاف الموقف لم يكن لأسباب مالية بل كان اختيارا تحريريا إذن؟
بالنسبة إلي كان قرارا سياسيا ، أدركت بأن انفجار الوضع الإعلامي –وهو على خلاف كل الإنفجارات-  انفجار محمود يجعلني الآن أوقف صدور الموقف إلى حين أن يتضح مجالها وأنا أعتقد أن الجرائد الحزبية الآن كلها مغمورة ولا تقوم بأي دور والشيء نفسه بالنسبة إلى الأسبوعيات في انتظار  أن تستقر الأمور ويتضح هذا المجال  الممكن لجريدة رأي وتحليل
*ما زال يعترف لك بأنك مهندس إضراب 18 أكتوبر 2005 وتشكيل هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات، هل مازال ممكنا إحياء هذه الهيئة التي جمعت الفرقاء السياسيين زمن بن علي لتساهم في حل الأزمة الراهنة؟
في الحقيقة الاضطهاد هو الذي جمعنا والمطالبة بالحرية في وجه الاستبداد  هي التي جمعتنا ولكننا اغتنمنا الفرصة لإطلاق حوار حول الملامح الكبرى  المجتمع الديمقراطي الذي ننشده، والوثيقة الرئيسية لـ18 أكتوبر هي في نحتت تلك الملامح، و لا أخفي عليكم أني شعرت خلال حوارات دار الضيافة بقرطاج بأن ما ناقشناه في 18 أكتوبر وجد طريقه  إلى  نسخة الدستور الحالية، كل القيم والأبعاد التي اتفقنا عليها  مثل حرية المعتقد وكونية حقوق الإنسان ... وكنت أعتقد ومازلت أتمنى وبينهما فرق ومسافة أن روح 18 أكتوبر يمكن أن تؤسس لوفاق وطني، تونس حتى تستقرّ في حاجة إلى وحدة النخبة السياسية على مشروع ديمقراطي وعلى عمل اقتصادي واجتماعي يحقق إنتظارات الشباب من الثورة بخلق التشغيل في الجهات بما يخلق الثروة والرخاء ويجد الشاب العمل في موطنه وعودة الأمن ومقاومة غلاء المعيشة الذي تطور  في السنوات الثلاثة الأخيرة بشكل مخيف ...هذه الأشياء تستحق تعبئة جهود كل التونسيين وتتطلب وفاقا وطنيا  و18 أكتوبر في نهجها والمبادئ التي أسستها كان يمكن ان تكون أساسا لمثل هذا الوفاق الوطني ، هل سنتغلب على الأزمة الحالية؟  هل سنصل إلى انتخابات شفافة كما نتمنى هل سنتمكن من صياغة وفاق وطني في ضوء الانتخابات القادمة فنهدي لتونس ثمرة الثورة التي فجرتها وهل تعيد لتونس مكانها الريادي في العالم كمثال يحتذى به في كل العالم  العلم التونسي رفع في كل مكان ورفع الياسمين في الصين كعلامة احتجاج، هل نعيد لتونس هذه المكانة المرموقة؟ لست أدري
*علي العريض كان معكم في 18 أكتوبر 2005 فهل تغير الآن وهو رئيس حكومة؟
كان معنا ولعب دورا رئيسيا، لكنّ علي العريض لم يتغير
*لا سلبا ولا إيجابا؟
لم يتغير علي العريض، لم أشعر أنه تغير، موقعه هو الذي تغير
*ما قراءتكم للحالة السورية والتهديد بالتدخل العسكري؟
أنا ضد ضرب أي دولة وأي دولة عربية على وجه التخصيص، والحمد لله أن شبح العدوان على سوريا  قد تراجع، تعلمون أنه  في بداية الثورة تعاطفت كثيرا معها وتمنيت انتصارها، أما اليوم لا يمكن أن نغفل  عن أن الثورة تحولت إلى حرب أهلية بل هي حرب بالوكالة بين بعض دول الخليج وتركيا من جهة وبين إيران وحزب الله من جهة أخرى، أصبحت حربا قذرة، أمنيتي أن يساعد المنتظم الدولي الفرقاء السوريين على إيجاد مخرج سياسي توافقي يحل الأزمة تدريجيا، اعرف انه أمر صعب ولكن حتى لو كانت الغلبة للنظام السوري كما يبدو الآن فإنه لا يمكن أن يستقر لمدة طويلة  وسيكون عاجزا عن استرجاع موقع سوريا إقليميا ودوليا إلا إذا أصلح النظام السياسي ومكّن المجتمع السوري من التعبير عن نفسه والمشاركة في الحياة العامة
*ماهي رسالتك في نهاية هذا الحوار؟
(يفكر ) أريد أن أقول أنني أشعر بقلق إزاء المستقبل كما لم أشعر به من قبل
*حتى في وقت بن علي؟
وقتها كنت أشعر بقرب النهاية وبداية الإنفراج، لم أكن أتنبأ بسرعة الانهيار  ولكني كنت واثقا أن سنة الحياة تحتّم نهايته  وتجاوز تلك الحالة ولكن اليوم أشعر بالقلق وأشعر بأن المجتمع المدني بقيادة الإتحاد العام التونسي للشغل والمنظمات الوطنية الراعية للحوار قد اقترح خارطة طريق يمكن أن تخرج تونس من الأزمة وتضعها على سكة نجاح مسارها الإنتقالي وأن التصلب الذي يبديه الجناح المهيمن على حركة النهضة يرتهن هذه الإمكانية وبالتالي على النهضة أن تعي ضرورة التفاهم مع المجتمع حول حكومة ترأسها شخصية مستقلة تعيد الوحدة للتونسيين وتجنبهم مخاطر التطاحن والمواجهة والتدافع،  وأقول بأنه إذا كان ضروريا أن نتناقش صراحة حول الضمانات المتبادلة فلنبدأ بذلك، أما أن نضيع الفرصة تلو الفرصة فإننا نتحمل المسؤولية أمام الله وأمام الأجيال القادمة لما قد ينجم عن هذا التصلب وما يفرضه ضرورة من تصعيد مقابل

*هل لديكم مرشح مفضل لرئاسة الحكومة القادمة؟
نفكر في بعض الأسماء ولكن سابق لأوانه الإفصاح عنها لأننا لسنا بصدد تشكيل الحكومة وما هو قبل الوقت ليس في الوقت
*هل  مرشحكم من بين الأسماء المتداولة(راضي المدب، عبد الكريم الزبيدي، محمد الناصر، نورالدين حشاد، أحمد المستيري)؟
(يضحك ) على كل حال أنت لم تذكر كل الأسماء، مرشحنا قد يكون  اسما من بين هذه الأسماء ممّن ذكرت وممن لم تذكر ...


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire